من يصل الى بعبدا أولا.. التشكيلة الحكومية أم الاعتذار؟
كتب غسان ريفي في “سفير الشمال” تحت عنوان “من يصل الى بعبدا أولا.. التشكيلة الحكومية أم الاعتذار” : ” يلف الغموض المشهد الحكومي بشكل غير مسبوق، حيث تتضارب المعلومات حول عملية التأليف، إنطلاقا من محاولة كل من المعنيين بها الحفاظ على ماء الوجه بعدم الخسارة، أو الخروج بأقل الخسائر الممكنة، لأنه في الوقت الحالي وفي ظل معاناة اللبنانيين ومآسيهم لا يوجد رابح أو منتصر.
الرئيس المكلف مصطفى أديب ما يزال يتحصن بالصمت الى أن يتخذ قراره بالتأليف أو الاعتذار بحسب التسهيلات التي يمكن أن تقدم له وخصوصا في ما بات يُعرف بعقدة حقيبة المالية التي يصر الثنائي الشيعي على تسمية وزيرها الى جانب الوزراء الشيعة، وهو بقدر ما يظهر من إيجابية وليونة في المشاورات التي يجريها، فإنه يصر على التمسك ببنود المبادرة الفرنسية ويرفع سيف الاعتذار الذي من شأنه أن يضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
رئيس الجمهورية ميشال عون يسير في ركب المبادرة الفرنسية التي ستدفعه الى التوقيع على التشكيلة الحكومية التي يقدمها أديب، لكنه ينتظر تقديمها من الرئيس المكلف الذي تشير معلومات الى أنه قدم خلال لقائه مع عون تشكيلة من 14 وزيرا خالية من الأسماء الشيعية الى حين التوافق عليها مع الثنائي، لكن دوائر قصر بعبدا نفت الأمر لتؤكد أن أديب لم يقدم أية أسماء أو تشكيلة أو تصور لحكومته.
الثنائي الشيعي على موقفه بتسمية وزير المالية والوزراء الشيعة، حيث تقول المعلومات أن الاجتماع الليلي الذي عقد بين الرئيس أديب والخليلين لم يسفر عن أية نتيجة إيجابية.
الرئيس سعد الحريري محرج الى أبعد الحدود، خصوصا أنه “تجرع السم” بقبوله إعطاء حقيبة المالية الى الشيعة، لكن الثنائي لم يقبل بذلك، في وقت تقول مصادر متابعة: “إن زعيم المستقبل بات ينتظر إعتذار أديب ليطرح نفسه مجددا على رأس حكومة سياسية”، وتستند هذه المصادر الى ما يقوله نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي”.
رؤساء الحكومات عبر عن موقفهم الرئيس نجيب ميقاتي أمس، حيث أكد على “التمسك بالدستور وعلى عدم تخصيص أي وزارة لأي طائفة، لافتا الى أنه في حال لم تنجح المساعي الحكومية فإن الرئيس أديب سيتجه الى الاعتذار”.
حلفاء الثنائي الشيعي يتطلعون الى أن تلحقهم نعمة إختيار بعض الوزراء، الأمر الذي قد يشكل عقدة ثانية الى جانب عقدة الثنائي الشيعي.
تشير المعطيات الى أنه مع عدم توصل اللقاء الليلي الذي جمع الرئيس المكلف مع الخليلين الى نتيجة إيجابية حول العقدة الشيعية، فإن السباق سينطلق بين الاتصالات على مستويات أرفع، وبين إمكانية أن يقدم الرئيس أديب على خطوة الاعتذار في لقائه المرتقب مع رئيس الجمهورية عند الساعة الحادية عشرة ظهرا، ما يطرح عدة سيناريوهات:
أولا: أن يتوافق أديب مع رئيس الجمهورية على تأجيل الموعد الى الساعة الخامسة على غرار ما حصل يوم أمس لاجراء مزيد من الاتصالات، فإما السير بمبادرة جديدة أو الاعتذار.
ثانيا: نجاح إتصالات ربع الساعة الأخير وإقناع الثنائي الشيعي في إختيار الأسماء المشتركة بين اللائحة المقدمه منه واللائحة المعدة من قبل الرئيس المكلف، ما يجعل الأمور تصل الى خواتيم سعيدة، فتولد الحكومة يوم الاثنين على أبعد تقدير.
ثالثا: أن يلتقي أديب عون صباح اليوم، ويتدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجددا ويطلب منه التريث بانتظار جهود أخيرة يقوم بها شخصيا.
رابعا: أن يفقد الرئيس المكلف الأمل بعد إنغلاق أفق الحل، ويغادر حلبة التكليف ويقدم إعتذاره الى رئيس الجمهورية.
تشير المعلومات الى أن الرئيس ماكرون إنتزع من الرئيس الأميركي ترامب وعدا بوقف كل العقوبات التي ستتخذ ضد شخصيات لبنانية الى ما بعد تشكيل الحكومة لكي لا يحصل شغب على جهود التأليف، وأنه في حال تأليف الحكومة فإنه سيصار الى إعادة النظر في بعض تلك العقوبات، أما في حال إعتذار الرئيس مصطفى أديب فإن ترامب سيكون في حل من وعده، كما سيكون ماكرون في حل من إلتزاماته بلبنان، ما قد يعرض البلاد لعقوبات قاسية أميركية ـ فرنسية مشتركة.
المصدر: غسان ريفي – سفير الشّمال