موازنة 2022 “بعيدة كلّ البُعد” عن مطالب صندوق النقد
كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
سقط مشروع موازنة 2022 على مسرح مجلس النواب أمس، جراء عدم تفعيل الإجراءات التصحيحية المرجوّة في بنوده، وذلك بعد هرج ومرج وبدء التصويت العشوائي عليه قبل أن تبدأ عملية الإنسحاب من الجلسة. وبذلك تكون الحكومة في وضعية حرجة أمام صندوق النقد الدولي الذي اعتبر أنها تتباطأ في إنجاز الإجراءات المطلوبة منها.
وتعود الأسباب الحقيقية وراء عدم توفّر النصاب لاقرار الموازنة كما أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن”، الى عدم وجود جدية في التعامل مع الموازنة بل حتى ارقام او مقاربة شاملة لها. فهي بعيدة كل البعد عما يتطلبه الإتفاق مع صندوق النقد الدولي خاصة من ناحية الاصلاحات، وبذلك باتت الموازنة تشكّل أداة خلل، أعدّت بحجة السرعة المطلوبة للاتفاق مع صندوق النقد، بينما لا تفي بنودها بهذا الغرض”.
واعتبر أن “ما يقترف باسم صندوق النقد يشبه ما اقترف باسم مؤتمر “سيدر” و”باريس 1″ وصولاً الى “باريس 3″، عناوين من دون اصلاحات فعلية”.
وأبدى حاصباني انطلاقاً من بنود الموازنة الملاحظات التالية:
– في ما يتعلق بإعطاء كافة موظفي القطاع العام والمتقاعدين والمتعاقدين 3 أضعاف رواتبهم ومخصصاتهم وبدل النقل، يريدون إقرار المساهمات لموظفي القطاعين العام أو الصحي ليتم “مسح” قيمتها بزيادة التعرفة الجمركية عبر سعر صرف عالٍ للدولار.
– ليس واضحاً على أي أساس يتمّ احتساب أرقام الموازنة، إذ إن لجنة المال والموازنة لم تتمكن من اقرارها، وتمّ الطلب من موظفي وزارة المال تعديل الأرقام في اللحظة الأخيرة بينما الجلسة منعقدة.
– من الواضح ان قوى السلطة متفاهمة مسبقاً على اقرار موازنة مهما كانت مفاعيلها، لارضاء صندوق النقد بالتحايل من جهة، ولشراء الوقت مع موظفي القطاع العام من دون اعطائهم حقوقهم فعلياً من جهة أخرى.
– صندوق النقد قد لا يقتنع بالقوانين الإصلاحية المطروحة.
– من الضروري التنبه الى ان تمويل صندوق النقد قد يصل الى 3 مليارات دولار او أكثر بقليل، لكن ما تم إضاعته بعد العام 2019 يتخطى 25 مليار دولار من العملات الأجنبية.
وأشار حاصباني الى أن أهمية التوقيع على اتفاق مع صندوق النقد تكمن في “تعزيز ثقة الدول الداعمة لمساعدة لبنان والاستثمار فيه، وأهمّ تلك الدول هي المملكة العربية السعودية، التي اوضحت للفرنسيين انها غير مستعدة للتمويل في حال استمرار لبنان منصة للتهجم عليها من قبل من يمثل محاور اقليمية معروفة”. وبالتالي فالحل هو “باستعادة سيادة الدولة، والاتفاق مع صندوق النقد على مقاربة متكاملة للتعافي وترجمتها بقوانين فعلية تنفّذ… وإلا ذاهبون فعلاً إلى المزيد من الفوضى”.