لبنان

فخامة الرئيس… مخالفة الدستور ليست مزحة

ماذا تعني عمليًا ودستوريًا دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى التوسع “قليلًا” في مفهوم تصريف الأعمال وإعطاء المجلس الأعلى للدفاع صلاحيات غير منوطة به في الدستور، سوى تحويل رئاسة الجمهورية إلى نظام رئاسي إو إلى ما يشبه مجلس قيادة الثورة.

وفي رأي كثيرين أن مجلس الدفاع الأعلى الذي لا يتمتع بصفة تقريرية، يبقى دوره محصوراً في إصدار التوصيات، ورفعها إلى مجلس الوزراء الذي يحق له وحده النظر فيها، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

ويرى هؤلاء أن دعوة الرئيس عون لن تمر مرور الكرام، وسيترتب على موقفه تداعيات سياسية يُفترض أن تتفاعل، على خلفية أنها مخالفة للدستور، وتجعل منه الحاكم بأمره، وتتيح له التفرد باتخاذ القرارات التي يتجاوز فيها الصلاحيات المناطة بالنظام البرلماني.

فالمجلس الأعلى للدفاع كما تشير إليه تسميته هو أعلى سلطة عسكرية، وهو لا يجتمع عادة إلاّ إذا كان ثمة ما يوجب إجتماعه كحصول خضّات أمنية كبيرة في البلاد أو تعرّض أمن البلاد لإعتداء خارجي، وعليه تبقى مداولاته سرّية للغاية، مع أن لا أسرار في لبنان.

أمّا أن يتحوّل إلى مجلس بلدي فيهتمّ بالطرقات وتنظيف الأقنية والتدابير الواجب إتخاذها للحؤول دون حصول الكوارث في موسم الثلوج، وإلى ما هنالك من أمور اقل ما يُقال عنها إنها اقلّ من عادية ولا يحتاج إتخاذ مثل هكذا تدابير إلى إجتماع إستثنائي للمجلس الأعلى، مع العلم أن ما إتُخذ غير قابل للتنفيذ، بما أن المجلس لا يصدر سوى توصيات تحتاج إلى سلطة تنفيذية لكي تصبح واقعًا معمولًا به.

كثيرة هي المخالفات الدستورية التي إرتكبها رئيس الجمهورية منذ إعتلائه السدّة الرئاسية، وقد يكون كل الحقّ في هذه التجاوزات فريق عمل الرئيس عون، الذي يشجعه على المزيد، وهو حاضر دائمًا لإصدار الفتاوى القانوينة لكل مخالفة.

إلا أن مخالفة الدستور، وفق بعض المصادر السياسية، يتخطّى الأطر العادية ليصل إلى عمق وجوهر مشكلة النظام، بعدما كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إتجاه لدى البعض للإنقلاب على إتفاق الطائف، الذي عرّى رئيس الجمهورية من صلاحياته الدستورية، الأمر الذي يعتبره الفريق الرئاسي إستهدافًا لموقع الرئاسة ولإضعاف دورها، مع ما لهذه التوجهات من خطورة قد تطيح بالطائف لتحلّ مكانه طروحات لا تعتمد على التوازنات في تركيب السلطات في لبنان، كمثل الدعوات إلى مؤتمر تأسيسي، أو كتلك الدعوات التي تنادي بالفدرلة، مع ما في هاتين الدعوتين من مخاطر على لبنان – الصيغة، التي صمدت في وجه حروب الآخرين على أرض لبنان، فزالت مع مرور الزمن وبقي لبنان، مع إعتراف هذه المصادر بأن الطائف ليس إنجيلًا أو قرآنًا، بل يجب تعديل بعض مواده ليصبح أكثر قابلية على التطبيق، ولئلا يكون الإجتهاد هو سيد الموقف، علمًا أن مجلس النواب هو الوحيد المخّول ببت أي نزاع حول جدلية أي مادة مبهمة من الدستور.

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة