التوقّف عن طبع العملة ليس الحلّ.. أدوات لجم التضخم مفقودة
كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
سعر صرف الدولار 52 الف ليرة لبنانية… ويبدو انه انطلاقا من المعطيات المتوافرة ان هناك إجراءات للجم التدهور لا سيما في ظل الجمود السياسي وغياب اي افق للاصلاح على المدى المنظور.
وفي ضوء رفع قيمة رواتب العاملين في القطاع العام، كان مصرف لبنان قد لجأ الى طبع العملة من أجل سدّ العجز الامر الذي ساهم في التضخم الحاصل، حيث بات حجم السيولة في الخريف الفائت يوازي أكثر من 6.5 مرّات حجمها قبل اندلاع الأزمة في تشرين الأوّل 2019. وبالتالي هل التوقف عن الطبع يؤدي الى خفض سعر الصرف؟
يشرح المحلل الاقتصادي نسيب غبريل عبر وكالة “أخبار اليوم”، أن المصارف المركزية تستعمل عدة أدوات لضخ السيولة أو سحبها من التداول، ومن ابرزها تحريك الفائدة ارتفاعا (لخفض حجم الكتلة المتداولة) او خفضا (لتسهيل حركة السيولة)، آسفا الى ان هذه الأداة معطلة منذ بداية الازمة في العام 2019. ويقول: هذا الى جانب التحكم بنسبة الاحتياطي الالزامي للمصارف، وهنا ايضا هذه الاداة غير متوفرة لدى مصرف لبنان.
ويضيف: بالتالي انطلاقا مما تقدم يضطر المركزي الى استعمال ادوات اخرى اي اصدار تعاميم وقرارات لسحب السيولة من الليرة اللبنانية من الاسواق واستبدالها بالدولارات، لكنه لا يستطيع ان يلجأ الى الفائدة لان القطاع المصرفي لا يقوم بدوره الاساسي في تحريك الاقتصاد، علما انه حين تتوفر الودائع لدى المصارف يستطيع المصرف المركزي ان يعود مجددا الى تحريك الفائدة من اجل مكافحة التضخم.
وفي هذا المجال، يذكر غبريل ان الاتفاق المبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي – الذي تم التوصل اليه في نيسان الفائت – ينص على ان اولوية مصرف لبنان في المرحلة المقبلة ستكون مكافحة التضخم، بعدما كان سابقا قائما على تثبيت سعر الصرف، بمعنى ان يكون هدف المركزي خفض نسبة التضخم الى رقم معين بشكل تدريجي من خلال اجراءات معينة.
ويلفت غبريل الى ان هذه الادوات مفقودة راهنا بسبب غياب الارادة لدى الاطراف السياسية التي لا تضع من ضمن اولوياتها الاصلاحات، معتبرا ان مصرف لبنان هو المؤسسة الرسمية المدنية الوحيدة القادرة على اخذ القرارات ويعمل ضمن الصلاحيات المتاحة له، في حين المؤسسات الدستورية غائبة: مجلس النواب عاجز عن الانتخاب، السلطة التنفيذية منذ ايار الفائت في حالة تصريف الاعمال وغير قادرة على اتخاذ اي قرار…
وردا على سؤال، يوضح غبريل ان مصرف لبنان لا يدعي ان ما اتخذه من اجراءات هو حل للازمة بل ما يقوم به موقت الى حين تنفيذ الاصلاحات، قائلا: العبء اليوم على كاهل مصرف لبنان، اضف الى ذلك شهية السياسيين مفتوحة، في حين ان مصرف لبنان يحاول الحفاظ على ما تبقى من احتياطي بالعملات الاجنبية ولو لا اجراءاته لكان تبخر مبلغ الاحتياطي المقدر بعشرة مليارات دولار، على غرار العديد من المليارات التي هدرت.
ويختم غبريل لافتا الى عامل الثقة المفقود بسبب عدم اعطاء الاولوية للشؤون الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية جراء عدم الاكتراث واللامبلاة بالوضع المالي والنقدي وطغيان المصالح السياسية والحزبية على الشأن العام.