حجبت الأحداث الخارجية الضوء عن ملفات الداخل، والأبرز كان الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة الذي ستنعكس تداعياته حكماً على الداخل اللبناني بصورة او بأخرى، والدليل اغتيال مسؤول الارتباط في قوات الامن الوطني الفلسطيني العقيد سعيد علاء الدين (العسوس) في مخيم عين الحلوة، الأمر الذي يؤكّد إصرار اللاعبين على إشراك لبنان في الملعب، ليس كمشاهد فقط، بل كلاعب احتياط وربما اكثر من ذلك، أي كحكم! وللتأكيد، قالها الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله جهاراً، وهو «المكلّف من الله» بحسب تعبيره… وعلى هذا الأساس يمكن طرح السؤال، ماذا عن الملفات العالقة داخلياً ايضاً؟ فيما يسأل البعض إذا كان «التكليف الالهي» سيكلّف نصرالله ايضاً مهمة إيجاد تسوية لملف داخلي يهمّ «الرعاية الالهية» كما الاطراف الروحية والسياسية المتضرّرة والمستفيدة منه على حدّ سواء، أي ملف المطران موسى الحاج؟
يتساءل المراقبون عن تسوية لملف المطران موسى الحاج يتمّ طبخها في الكواليس ويتهامسون «هل من الممكن ان يتمّ إهداء هذه التسوية الى العهد وتحديداً لرئيس الجمهورية، الذي اتهمه الخصوم، بمن فيهم الاوساط القريبة من بكركي، بأنّه يتفرّج ولا يبالي بملف المطران؟
في المعلومات، وبحسب مصادر بعبدا، انّ عون ومنذ اليوم الاول على الحادثة يعمل بصمت على هذا الملف الحساس، وما زال حتى الساعة، إلّا أنّ عمله يُحاط بسرّية وبلا ضحيج اعلامي منعاً للعرقلة او للفشل.
في المقلب الآخر، وجّه البعض اتهامات إلى عون ومن خلفه إلى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بعدم التحرّك وملازمة الصمت حيال هذا الملف. الّا انّ مصادر قريبة من القصر الجمهوري تكشف «انّ من اطلق تلك الاتهامات او الافتراضات هم في الحقيقة من أحبطوا مسار التسوية والحل، وانّ العكس هو الصحيح، لأنّهم استغلوا الحادثة وأقاموا التظاهرات وصعّدوا في الاعلام، الأمر الذي لم يصبّ في مصلحة المطران بل في مصالحهم الخاصة، ولم ينتفضوا لكرامة بكركي بل لمكاسبهم ومصالحهم الشخصية». وتضيف هذه المصادر: «انّه في الوقت الذي كان الرئيس عون يعمل بصمت على حلحلة الملف، كانوا هم يخططون لاستغلال حادثة كهذه لمكاسبهم الشخصية، فرفعوا الصوت والصراخ الذي للأسف وقعت بكركي ضحيته في لحظة من اللحظات».
وتؤكّد المصادر نفسها «انّ المطران الحاج لم يستفد من تلك الهمروجة اطلاقاً لأنّها لم تغيّر شيئاً في الوضعية الراهنة». وترى أمام كل تلك المستجدات، انّه في المقابل كان هناك طرف وحيد يتمّ استهدافه في الوقت الذي كان هذا الطرف هو الوحيد الذي يعمل بصمت وهو رئيس الجمهورية». وللتأكيد، تشير المصادر، إلى انّه عند حصول الحادثة ارسل عون «إشارات مهمّة جداً ومعبّرة، ارادها رسالة ومن قصر بعبدا إلى جميع المعنيين وتحديداً إلى من افترض او صدّق أنّ الرئيس غائب او لا يبالي بهذا الملف الدقيق».
وعن ابرز هذه الإشارات الرئاسية تسأل المصادر:
1- هل سأل البعض لماذا لم يتمّ استدعاء المطران الحاج، وبالتالي لماذا لم يذهب الى أي جلسة استجواب؟
2- هل من سأل ماذا يعني استقبال رئيس الجمهورية للمطران موسى الحاج في القصر الجمهوري عندما رافقه المطران ميشال عون، وتحديداً في اليوم التالي للحادثة؟»
وتضيف المصادر: «ألا تشير تلك الدلالات القوية الى انّ من يقوم بصون الصرح البطريركي من دون ان يمسّ بوضعية القوانين والقضاء هو سلوك الرئيس وأداؤه امام هذا الملف؟».
ماذا بعد ؟
أما وقد هدأت النفوس، تسأل «الجمهورية» ماذا عن الآتي؟ فتجيب المصادر: «انّ الرئيس عون، وطبعاً الفريق السياسي القريب منه أي «التيار الوطني الحر» الممثل بالوزير باسيل، هما الوحيدان اللذان يعملان بصمت لإيجاد المخرج الذي يحفظ كرامة بكركي من دون ان تمسّ كرامة الدولة والقضاء».
الّا انّ المصادر نفسها لمّحت إلى «طرح ما وعمل حثيث يقوم به فريق العهد لإنهاء الملف». وفضّلت عدم الإفصاح عن التفاصيل، مستلهمةً القول المأثور «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». لكنها في الوقت نفسه قالت لـ»الجمهورية»: «انّ الايام القليلة المقبلة ستكشف عملنا».
باسيل في الديمان
اما بالنسبة لزيارة باسيل القريبة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فتؤكّد المصادر، انّ «لا الرئيس عون ولا رئيس «التيار» يربطان الحل بالنسبة لملف المطران الحاج بالزيارة التي سيقوم بها الوزير باسيل الى الديمان»، كاشفة عن انّ زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» للراعي في الديمان «ستكون في إطار تنسيقي أوسع بكثير من ملف المطران الذي سيكون تفصيلاً بالنسبة الى القضايا الاخرى».
وتفيد المعلومات، أنّ «المراسيل» والتنسيق والزيارات بين بعبدا والديمان جارية على قدم وساق من خلال الوفد المولج متابعة هذا الملف.