كتب المحامي جميل مراد في موقع mtv:
انتهت الإنتخابات النيابية اللبنانية لتفتح الباب أمام أكثر من استحقاق دستوري ووطني، من اعتبار الحكومة مستقيلة وانتقالها إلى مرحلة تصريف الأعمال، إلى انتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائب له وهيئة مكتب ورؤساء وأعضاء للّجان النيابية، إلى الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة، وصولاً إلى المشاورات النيابية غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مع النواب ثم التشاور مع رئيس الجمهورية فإصدار رئيس الجمهورية لمرسوم تشكيل الحكومة الجديدة.
قد تشكّل كل هذه الاستحقاقات مسارا ديموقراطيا مؤسساتيا سليما وبسيطا، ولكن في بلد مثل لبنان نظامه السياسي مركّب ومعقّد، قد تصبح كل واحدة من هذه الإستحقاقات، مطبّا وحاجزاً قد يصعب تجاوزه، ومحطة للكباش السياسي بين القوى المتصارعة يؤدي بالبلد إلى مزيد من التدهور والتفلّت.
أولى وأقرب هذه الحواجز، إنتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائب له. وبعيدا عن الصراعات والتجاذبات التي بدأت تظهر وتزداد كل يوم، إن إنتخاب رئيس للمجلس النيابي هو استحقاق دستوري بامتياز نصّت عليه المادة 44 المعدّلة من الدستور اللبناني حيث ذكرت أنه في كل مرّة يجدد المجلس النيابي انتخابه يجتمع برئاسة أكبر أعضائه سنّاً ويعمد إلى انتخاب الرئيس ونائب الرئيس لمدة ولاية المجلس، كلّ منهما على حدة بالاقتراع السرّي وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين. وتبنى النتيجة في دورة إقتراع ثالثة على الغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سنّا يعد منتخبا.
كما نصّت المادة الثانية من النظام الداخلي للمجلس النيابي على أن المهلة القصوى لاجتماع المجلس وإنتخاب رئيسه بناءً لدعوة أكبر الأعضاء سنّا، هي خمسة عشر يوما من بدء ولايته أي في مهلة أقصاها نهار الإثنين 6 حزيران 2022.
إن إنتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائب له، يحتاج وفق المادة 55 من من النظام الداخلي للمجلس النيابي حضور الأغلبية من عدد أعضائه (وتواجدهم في قاعة الإجتماع)، ومتى تأمن نصاب انعقاد الجلسة يحتاج وفق المادة 44 من الدستور والمادة الثالثة من النظام الداخلي للمجلس النيابي، في الجلستين الأولى والثانية، إلى الأغلبية المطلقة أي 50% زائداً واحداً من أصوات المقترعين (أي الذين صوتوا سرّيا ووضعوا أوراقهم في الصندوق)، ويحتاج في الدورة الثالثة إلى الأغلبية النسبية أي عدد الأصوات الأعلى من أصوات المقترعين، وفي حال تساوت الأصوات فالأكبر سنّا يعتبر منتخبا.
إذا هذه العملية الدستورية بحساباتها السياسية والعددية ستشكل أولى ظواهر تموضع الكتل والنواب المنفردين في المجلس النيابي الجديد، فمن سيؤمن العدد المطلوب ليصبح رئيساً للمجلس النياب