كتب عمر البردان في “اللواء”:
في حين أن كل شيء في البلد يؤشر إلى أن الأمور ذاهبة إلى مرحلة شديدة التعقيد على مختلف الأصعدة، ما قد يعجل بحصول انفجار اجتماعي لم يعد موعده بعيداً، بعدما تجاوزت حرب الدولار وتفلت أسعار المحروقات واحتكار الدواء كل الخطوط الحمر، حيث فقد اللبنانيون الأمل بالإنقاذ، لم تتضح بعد معالم التسوية التي يعمل عليها بشأن انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، في ظل تسارع الاتصالات في الساعات الماضية، والتي شارك «حزب الله» في جزء كبير منها، مع «التيار الوطني الحر»، من أجل تأمين التغطية المسيحية الميثاقية لجلسة انتخاب رئيس البرلمان.
وفي وقت تركز هذه الاتصالات على تأمين أكثرية مريحة لانتخاب الرئيس نبيه بري للمرة السابعة، علم أن التوجه يميل لأن تكون نيابة رئاسة المجلس من حصة «التيار الوطني الحر»، على أن يكون المنصب من حصة النائب الياس بوصعب، إلا إذا تمكنت الأكثرية النيابية من التوافق على أحد نوابها لنيابة الرئاسة الثانية، أو أن يستقر الرأي على شخصية نيابية حيادية، كالنقيب ملحم خلف، أو الدكتور غسان السكاف، على أن يتولى نواب «اللقاء الديمقراطي» تأمين الميثاقية الدرزية لانتخاب بري.
ومن أجل إعطاء الاتصالات الجارية مداها، يتمهل الرئيس بري، بكونه رئيس السن، بالدعوة لانتخاب رئيس جديد للبرلمان، إفساحاً في المجال كي يأتي انتخاب الرئيس ونائبه، حصيلة توافق الكتل النيابية، تجنباً لمزيد من التجاذبات السياسية والطائفية مع بداية ولاية المجلس النيابي، وإن تم تجاوز مهلة الـ15 يوماً المحددة في الدستور، باعتبارها مهلة حث، وليس مهلة إسقاط ، في إطار تسوية شاملة، قد تتجاوز انتخابات رئيس المجلس ونائبه إلى تشكيل الحكومة، وربما ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي. ما يؤمن للرئيس بري الفوز بعدد أصوات مريح، لا يشكل إحراجاً له، ولفريقه السياسي.
وإذا كانت قوى الأكثرية قد أعلنت أنها لن تنتخب الرئيس بري، وستقترع بورقة بيضاء، إلا أنها «تنظر بعين القلق إلى محاولات التعطيل التي قد يلجأ إليها الفريق الآخر، باعتبار أنه يملك ورقة السلاح كأداة للتعطيل»، كما يقول عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة لـ»اللواء»، مضيفاً: «لكن لهذه الأوراق محدودية، تزيد يوماً بعد يوم، لأن الشعب اللبناني قال كلمته، والكلمة في هذه الأيام أقوى من السلاح، خصوصاً أن الأوضاع الإقليمية لم تعد في صالح الفريق الموالي لإيران. وقد تمرد اللبنانيون على هذا الزحف الفارسي باتجاههم. وكل ذلك يدعونا إلى القول إن الفريق الآخر على تراجع، ولكن هذا لا يعني أننا سنشن حروباً، إنما سنواصل المقاومة الشعبية والديمقراطية، إلى حين استعادة لبنان سيادته كاملة».
ولفت حمادة إلى «أن الفراغ كان سمة العهد الحالي. انتخب رئيس ادعى أنه قوي، وتبين بسرعة أنه معطل للدستور، ومناوئ للوفاق واتفاق الطائف. ولهذا لن نترك للفراغ أن يتحكم بالساحة اللبنانية، بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي، وسنعمل على انتخاب رئيس، يليق بلبنان وبأشقائه العرب، ويعيد مع حكومة قادرة وسيادية، لبنان إلى موقعه الطبيعي، من منطلق أننا نريد جبهة حاكمة سيادية عريضة».
وقد دعت أوساط روحية قريبة من بكركي، إلى التعاطي بكثير من الجدية مع كلام البطريرك بشارة الراعي الأخير، في عظة الأحد الماضي، لا سيما وأن «البطريرك بشارة الراعي متخوف من محاولات الفريق الآخر الالتفاف على نتائج الانتخابات، بعدما أكد اللبنانيون رغبتهم الجامحة بالتغيير، بهدف إحداث ما يمكن تسميته بالانقلاب، رفضاً لإجراء أي تغيير في الواقع الراهن، وهذا أمر لا يمكن القبول به مهما كان حجم الضغوط كبيراً، ولا بد للبنانيين أن يقفوا سداً منيعاً لمواجهة هذه المحاولات»، مشددة على أن «البطريركية المارونية مع سائر المرجعيات الوطنية، تدعو إلى احترام خيارات اللبنانيين التي عبروا عنها في صناديق الاقتراع، ولا بد أن تكون مهمة العهد الجديد، العمل على تعزيز التواصل مع الأشقاء العرب والأصدقاء، لما فيه مصلحة لبنان وشعبه».
كما دعت الأوساط، إلى تشكيل جبهة نيابية عريضة، من أجل الدفاع عن الثوابت السيادية والتغييرية التي أكد عليها اللبنانيون في صناديق الاقتراع، في مواجهة محاولات أخذ لبنان إلى محاور تتعارض مع مصالحه العربية والدولية، توازياً مع إصرار بكركي على تأمين المناخات الملائمة لحياد لبنان، وإبعاده عن كل ما يتعارض مع مصلحته، وتحديداً مع الأشقاء العرب، والأصدقاء».