الاندفاعة الحريرية تصطدم بحواجز باسيل…
استطاع الرئيس المكلف سعد الحريري أن يحقق تقدما جدّيا في عملية الاستشارات غير المُلزمة مع القوى السياسية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، كما استطاع اشاعة اجواء ايجابية توحي باقتراب عملية التأليف نسبياً، والاهم من ذلك أنه تمكّن من إزالة العوائق التي كانت تعرقل الاتفاق بينه وبين “الثنائي الشيعي” حول القضايا الحكومية.
وتشير مصادر مطلعة الى ان الرئيس الحريري كان قد سعى الى تذليل العقبات المتعلقة بالعقدة الشيعية قبل تكليفه رسمياً، حيث وافق امام اصرار حركة “امل” و”حزب الله” على مطلب تسميتهم للوزراء الشيعة في الحكومة، اضافة الى اعطائهم حصّتهم في اختيار الشخصية التي ستتولى حقيبة المالية بعدما كان قد مرّر لهم موافقته في مرحلة تكليف السفير مصطفى أديب. في المقابل تنازل الثنائي عن مطلب حكومة تكنوسياسية مبدياً استعداده للتعاون من اجل تشكيل حكومة شبيهة بحكومة الرئيس حسان دياب من حيث الوزراء التكنوقراط الذين تسميهم القوى السياسية.
لا حكومة من دون الاتفاق مع باسيل.. وهذا ما انجز حتى اليوم
عدم تكليف الحريري.. أي سيناريو ننتظر؟
غير ان عثرة جديدة ظهرت في طريق الحريري، وهي عقدة شيعية- مسيحية، وبالتحديد مشكلته مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورغم ان هذه العقدة في الاصل مسيحية، الا ان وقوف “حزب الله” في الاسبوع الاخير الى جانب باسيل، اعطاها طابعا شيعيا، اذ ان الحزب لن يقبل بتأليف حكومة لا يرضى بها باسيل ولا يكون التيار مشاركاً فيها. من هُنا، بدأت الاتصالات بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون في محاولة من الاول تجنب المفاوضات المباشرة مع باسيل.
وتقول المصادر ان الحريري مستعد لمناقشة جدية مع التيار من دون تقديم تنازلات كثيرة لباسيل، ولكن في الأصل لا يبدو الاخير في حالة “ممانعة” كبرى، فهو وبحسب المصادر، لن يكون متشدداً في مطالبه، بل يرغب في أن يتمثل في الحكومة ويتراجع تكتيكياً عن قراره بعدم المشاركة. وبعد التواصل مع عون جرى التوافق على أن تكون الحكومة “عشرينية” علماً أن الحريري كان يفضل ان تتشكل بـ14 وزيرا، لكنه تنازل لـ”لتيار الوطني الحر” عن ذلك.
وتبقى العقد الاساسية مع “الوطني الحر” الذي لا يزال يطالب بتسمية معظم الوزراء المسيحيين باستثناء وزراء “المردة” والحزب السوري القومي الاجتماعي، وهذا الأمر يبدو نقطة خلاف اساسية مع الرئيس الحريري، بالاضافة الى أن توزيع الحقائب الذي لم يبدأ النقاش حوله بعد، سيكون في الأيام المقبلة عنواناً رئيسيا للعقدة المسيحية خصوصا وان باسيل لن يرضى بحقائب هامشية غير وازنة، بالرغم من استعداده لتقديم تنازلات عن حقائب معينة كالطاقة مثلا.
وبالتالي، من الواضح ان الاندفاعة الحريرية ستصطدم لعدة اسابيع بالمفاوضات مع التيار “الوطني الحر” الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى تأخير ولادة الحكومة الموعودة.