رسائل قاسية على مسمع عون: اجلسوا على كرسي الاعتراف
جاء في “نداء الوطن”:
عميقة جداً عظة رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري، خلال ترؤسه القداس على نية لبنان في دير مار شربل التابع للرهبانية اللبنانية المارونية في روما، بمشاركة رئيس الجمهورية ميشال عون في ختام زيارته إلى ايطاليا والفاتيكان التي عاد منها فجر أمس مختتماً زيارة إلى الكرسي الرسولي التقى فيها قداسة البابا فرنسيس وكبار معاونيه، وإلى روما حيث التقى الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا.
كلام ساندري جاء بعد الضجة التي أثارها كلام عون عن سلاح «حزب الله» وعن عدم تأثيره على الوضع الداخلي في لبنان، والأهم في عظة ساندري تأشيره الواضح إلى الدور الذي يجب أن يؤديه لبنان المتألم في الحرب الروسية ـ الأوكرانية بقوله «إن لبنان يبقى قبل أي أمر آخر، محروساً من مريم، الفائقة القداسة، وبالأخص من خلال المزارات والكنائس المكرسة على اسمها، كما ومن خلال تماثيلها المرفوعة كعلامة حضور حسيٍّ لرعايتها كأمٍّ لنا. وإني لواثق أنه في حريصا ومغدوشة وزحلة وفي العديد من الأمكنة الأخرى، سيتّحد المؤمنون والمؤمنات من أبناء لبنان مع الأب الأقدس في خلال فعل تكريسه روسيا وأوكرانيا إلى قلب مريم الأقدس. وإذا ما كان هناك شعب متألم، كالشعب اللبناني، يعرف كيف يقدم صلواته من أجل شعب متألم آخر، فإن الرب على وجه التأكيد سيفيض نعمه على الذين يتضرّعون إليه، لأنهم يكونون قد أثبتوا أنهم اخوة في الألم، وسيبقون أكثر اخوة في السلام والمصالحة اللذين نرجو أن يحلّا سريعا».
أفاض الكاردينال ساندري في رسائله المبطنة والواضحة في آن، بعدما ألبس انتقاده الشديد لأداء المسؤولين اللبنانيين ثوب العظة الدينية الزاخرة بالاستشهادات الصريحة، فلبنان في عظته – الوصية «يجب أن يبقى أميناً لهويته بين مختلف دول الشرق الأوسط، وعليه الخروج من أزمته الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تضربه منذ فترة والتي ضاعفت خطورتها التداعيات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020».
لم يكتفِ الكاردينال ساندري بذلك، إنما زاد قائلاً «إن التنكّر للايمان يُفقد الهوية، والبحث عن الأمان عبر التحالف مع الطغاة يدمّر الهيكل ويسبي الشعب»، داعياً إلى «القيام بفحص ضمير عميق»، إذ «لا أمر أعظم من خدمة المجتمع، وبالأخص من هم الأكثر فقراً».
في توصيفه الوضع المسيحي قال «المسيحيون أفراد ضعفاء حاجتهم دائمة لرحمة الرب، يعانون الانقسامات وقادرون على الإساءة في العلاقات اليومية وبالنتيجة بحاجة إلى مصالحة بعضهم البعض»، لذلك يدعو إلى «توطيد علاقات عدالة حقة تجاه بعضنا البعض، وبناء مجتمع عادل، وعكس ذلك هو مضاعفة المواجهة والخلافات والمأساة التي على أساسها سيسألنا الرب».
وأخطر ما حذّر منه الكاردينال ساندري على مسمع عون «أن لبنان المنارة المرفوعة على جبل والمطلوب منها أن تشعّ في العتمة، تغدو علامة اضطراب وتعمية لسائر الاخوات والاخوة في البشرية».
كلام الكاردينال ساندري وما سبقه من كلام للحبر الأعظم البابا فرنسيس وأمين سر الدولة الكاردينال بييترو بارولين، بحسب خبير في الشأن الفاتيكاني، هو بمثابة القول لرئيس الجمهورية وعبره إلى كل الطبقة السياسية الحاكمة «إن كنتم تأتون إلينا لأخذ البركة والدعم عليكم أوّلاً أن تجلسوا إلى كرسي الاعتراف حتى تكون صلاتنا للبنان ولكم مقبولة، وأن تتلوا فعل الندامة والتوبة، ولأنكم لم تفعلوا نحن نعترف عنكم وندلّكم إلى خطاياكم، لعلّكم تنتبهون».
كلمة في سجل الشرف
وقد دوّن عون في سجل الشرف التابع للدير الكلمة الآتية: «من أعلى قمة في لبنان والشرق، حمل شربل قداسته إلى قلب عاصمة الكثلكة، القائمة بمهابة على إرث الرسل وشهادة الشهداء الأوائل. دعائي أن يكون حضور قديس لبنان، في قلب روما، فعل إيمان متجدد بلبنان، قلب الله، على ما يذكر الكتاب المقدس، فيبقى خير شفيع له أينما حلّت بركته. ولتفض نعمه على هذا الدير فيرتفع، على رغم الصعاب، منارة إشعاع روحي وثقافي على اسم لبنان، وطن الرسالة والحضور».
خلوة
كما عقدت خلوة بين عون وساندري، أطلع خلالها رئيس مجمع الكنائس الشرقية رئيس الجمهورية على زيارته الأخيرة إلى سوريا موفداً من الحبر الأعظم البابا فرنسيس حيث ترأس مؤتمراً لبحث سبل مساعدة الشعب السوري في الظروف الصعبة التي يجتازها. وجدّد عون شكر اللبنانيين للبابا فرنسيس على اهتمامه الدائم بلبنان، وعرض لساندري نتائج لقائه مع الحبر الأعظم ولقاءاته مع كبار المسؤولين في الكرسي الرسولي.