سنواجه لأن المختارة لا تهتزّ…
كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
كلما اقترب موعد الإنتخابات ارتفع منسوب القلق عند وليد جنبلاط. هو ليس قلقاً فعلاً بل ان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي لا يجد أقوى من رفع السقف لشد عصب جمهوره انتخابياً. يشكو همه ويرحل الى ما وراء البحار طالباً دعماً عربياً ودولياً لحمايته. في البيت الاشتراكي ثمة من يرفض اعتبار جنبلاط خاسراً في الانتخابات حيث كل القوى تواجه مشاكل في الترشيحات وتركيب اللوائح بسبب القانون العجيب الغريب. سيحتفظ بما لديه وكل محاولات تهميشه لن تنجح من وجهة نظر البيت الدرزي الداخلي. عندما يتحدث جنبلاط عن محاربته فهو ينطق بالحقيقة وهذه مسألة طبيعية ان هناك طرفاً اساسياً كلمته اقوى من عدده وله حيثيته ويريدون مواجهته. يقول صاحب هذا الرأي «ما راح تزبط معهم مواجهته» متابعاً «نحن لا نطلب منهم التصويت معنا ولكن دعم مرشحين ضدنا ومن داخل البيت الدرزي الداخلي أمر غير مقبول وسنواجهه لان المختارة لا تهتز».
ليس جديدا على زعيم المختارة رفع الصوت متى ساورته «الفتن»، والعبارة الاخيرة معناها في قاموسه دعم «حزب الله» مرشحين من البيت الدرزي الداخلي في الشوف – عاليه وبيروت. على ان كل المعارك في كفة ومعركة بيروت ومرشحها في كفة مقابلة. يهتم جنبلاط لمرشحه الدرزي في بيروت لرمزيتها كعاصمة. اعتاد ان يخوض معركته على لوائح الحريري مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وغض طرف من «حزب الله». تحول الزمن القديم، انسحب الحريري واتخذ السنة قرارهم بالتضامن مع زعيمهم وعدم المشاركة في العملية الانتخابية. مشكلة جنبلاط في بيروت وغيرها هي في غياب الناخب السني، مشكلته مع الحريري اذاً وليس مع حزب الله في بيروت. قلق جنبلاط قد يجد طريقه للمعالجة لان خطوط الاتصالات لا تزال تعمل على استدراك الوضع. لجنبلاط حليف قديم يتجدد باستمرار هو الرئيس بري الذي لا يزال يخوض معركة الوقوف على خاطره وقد ينجح حيث ان المعلومات تتحدث عن تطمينات تلقاها جنبلاط قد تؤتي ثمارها. ومثل هذا الواقع غير محسوم ومستبعد في دوائر الحزب.
وقد لا يختلف الوضع في الشوف – عاليه حيث يتجه «حزب الله» لدعم ترشيح رئيس حزب التوحيد وئام وهاب. يعتبر ان خطأ في التقديرات ساهم في فوز النائب مروان حمادة على حساب وهاب. تجربة لن يسمح «حزب الله» بتكرارها من دون ان يكون المقصد مواجهة جنبلاط انتخابياً. لا حرب الغاء ضد جنبلاط لكن «حزب الله» قرر ان يدعم حلفاءه، التزم الصمت رغم الحرب الإعلامية التي يشنها جنبلاط في مواجهته، ممارساً سياسة ربط نزاع. يؤكد «حزب الله» في لقاءاته انه سيدعم حلفاءه حكماً في الانتخابات ضد جنبلاط، وهذا أمر طبيعي، وهل كان من المتوقع ان يعطيه أصواته وهو على خلاف سياسي وانتخابي معه. ليس المقصود الغاءه من الحياة السياسية وليس هذا تفكير «حزب الله» الذي أسف لخروج الحريري من المعترك السياسي والانتخابي وكان حريصاً على مشاركة كل القوى السياسية في الحكومة بمن فيهم القوات اللبنانية.
اكثر ما يقلق جنبلاط ان المقعد الدرزي في بيروت لم يعد بإرادة السني وحده ودخلت عناصر أخرى، واذا كان بري سابقاً يجامله فالوضع اليوم بالغ الحساسية وحسابات «حزب الله» في دعم حلفائه تتقدم على ما عداها. وإزاء هذا الواقع لا يضمن جنبلاط معركة بيروت ولا الشوف – عاليه. تحالفه مع القوات غير واضح المعالم بعد. وكباقي القوى الحزبية يركز معركته داخل طائفته محاولاً منع التسلل الى البيت الداخلي ولذا سيجهد في معركته لمنع فوز وهاب بأي ثمن. في الدورة الماضية قسم أصواته بين نجله تيمور ومروان حمادة ومرّر اصواتاً لنعمة طعمة، لكنه هذه الدورة عمم ان أصواته ستكون لتيمور وحمادة حصراً لقطع الطريق على وهاب، وفي البقاع الغربي يشن وائل بو فاعور حرباً معنوية بحجة انه مستهدف من قبل سوريا. هي معركة استنفار الخارج وتحديداً الحلفاء في الدول العربية لضخ الدم في الناخب السني ودعمه في هذا الاتجاه.
القول إن «حزب الله» يحاربه لا يطابق الواقع، لأن «حزب الله» الداعم لحلفائه حتى الرمق الأخير، يعتبر ان المواجهة انتخابية وليست حرب الغاء، وبصرف النظر عن النتائج فالانتخابات ستنتهي وسيضطر للجلوس الى الطاولة ذاتها معه في الحكومة ومجلس النواب، في المقابل يقلل الاشتراكي من جدوى مواجهة «حزب الله» له مسلماً بحقيقة ان اي فريق مهما بلغت قوته فالامور محكومة بالتوافق بدليل عجزه وحده عن حلّ قضية المحقق العدلي في قضية المرفأ وموضوع ترسيم الحدود.