من يوقف غش أصحاب المهن الحرّة؟
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
الأثرياء الجدد نصابون، يحتالون بمهنهم على الناس، ويجنون مبالغ طائلة بالفريش دولار، فمن هم هؤلاء؟
أموال طائلة حققها أرباب المهن الحرة «الحداد، الدهان، الميكانيكي، البنشرجي، الأشكمنجي» وغيرهم ممن إستفادوا من عصف الأزمات ففرضوا أجرتهم بالدولار، ومعها القطع، غير انهم حوّلوا مهنهم أدوات نصب على الناس، فكيف ذلك؟
أكل رائد الضرب من الميكانيكي بعدما كبّده 300 دولار ثمن قطع للسيارة، وفي الاخير لم يتمكن من إيجاد العطل، «ما دفعني للبحث عن ميكانيكي آخر».
وفق الميكانيكي نفسه الذي رفض الإفصاح عن اسمه، «العطل داخل السيارة لم يكلفه سوى 5 دولارات، وأنه في معرض بحثه عنه كبَّد الزبون شراء قطع بـ300 دولار، فيما القطع القديمة التي ما زالت جديدة سيبيعها لزبون آخر، ما يعني أن الميكانيكي ربح 300 دولار فيما العطل لم يكلف 5 دولارات.
ليس الميكانيكي وحده الذي ينصب على الزبون ايضاً الاشكمنجي الذي يسحب «ديبو» البيئة من السيارات، فأقل «ديبو» ثمنه 400 دولار، عدد كبير منهم كوَّن ثروة كبيرة، وبدأوا يشيدون المباني ويشترون المنازل والسيارات، على حساب المواطن وديبو البيئة. أحمد صاحب محل «إشكمانات» في منطقة النبطية يؤكد هذا الامر، ويرفض ان يغش المواطن. بحسبه، «سرقة 3 «ديبوهات» يوميا يعني 1000 دولار فكيف بشهر؟ هناك من يحقق 30 الف دولار شهرياً، وتمكنوا من تكوين ثروة باهظة جداً».
شرَّعت الازمة الباب لاصحاب المهن الحرة للدخول الى عالم الثروة من بابها العريض، فالذين كانوا «ينقّون» قبل الازمة، إنقلبت حياتهم رأساً على عقب باتوا هم الاثرياء وموظفو القطاع العام أضحوا «عالارض يا حكم»، وأكثر المهن التي استفاد أصحابها هم من يعملون في قطاع السيارات الذي نشط بشكل كبير خلال الازمة، وارتفعت «فحصية» السيارة الى 50 دولاراً واكثر، غير آبهين بمعاناة الناس، والمؤسف أنهم «باعوا ضميرهم لصالح المصاري»، وفق رائدة التي إضطرت للدفع مرتين ثمن تصليح سيارتها، وتوضح انها وضعتها عند الميكانيكي لاصلاح «الكولاس» وبعض الاعطال وطلب اجرته 240 دولاراً، وبعد انتهاء التصليح اكتشفت أنه تقاضى ثمن القطع ولم يبدلها، «بل وضع قطع خشب لتسنيد «بواط» السيارة الذي قبض ثمنه 80 دولاراً، والمخزي أنه يتباهى أنه دكتور بمصلحته، وبالنهاية طلع نصاب».
تحولت مهنة دهان السيارات منجم ذهب لاصحابها، آلاف الدولارات حققوها خلال الازمة، فدهان رفراف سيارة يكلف 100 دولار، والبوليش 100 دولار، إستطاع قاسم ان يجمع ثروة هائلة خلال الازمة، فبعدما كان ينق من القلة، تمكن من شراء سيارة فخمة وتملك شقتين. يقول إنه استغل الازمة، كما كثر، بل رفع اجرة الفرن من 20 دولاراً الى 100 دولار، و»الشاطر بشطارتو»، ولا يخفي ان المهنة اليوم تعيش ازدهاراً كبيراً، جراء تهافت الناس على التجارة بالسيارات.
«الله يعين اللي بيوقع بإيد البنشرجي»، يقول زهير وقد إضطر لدفع ثمن طقم اطارات بـ300 دولار ليكتشف أنه مستعمل، وفوق كل ذلك دفع إجرة البنشرجي 20 دولاراً فريش.
«وين ما راح المواطن أكل الضرب» فيما أصحاب المهن يحققون الاموال، في ظل غياب الرقابة على هذا القطاع الذي لا سلطة حكومية عليه، بل صار قطاعاً فلتاناً للنهب والسرقة والنصب على المواطن الذي لا حول له ولا قوة، واستغلال الناس، وبيعهم بضائع مغشوشة غير صالحة بمعظمها، بعد ايهامهم بإصلاح الاعطال، ليكتشفوا انهم دفعوا اموالهم سدى، فيما تمكن الميكانيكي والبنشرجي والاشكمنجي وبائع القطع من تحقيق ثروات طائلة، اولاً بسبب مضاعفتهم اجرتهم بالدولار وثانياً بسبب غشهم بالقطع التي يتقاضون اسعارها بالدولار الفريش وبإرتفاع 4 مرات وأكثر مما كانت عليه.
من لم يأكل منهم الضرب؟ ومن لم يدفع ثمن تصليحات لم تُصلّح؟ في المحصلة تحولت المهن مصيدة للناس فيما الرقابة غائبة فمن يحاسب ويردع غش هؤلاء؟