ألم يحن الوقت لتغيير هذا النظام؟
كتب هادي مشموشي:
في بلدنا لا يخرج المحتل قبل تسليم الآخر. خرج الفلسطيني دخل السوري. خرج السوري دخل الايراني. من التالي؟ الله اعلم. السبب هو نظامنا العقيم الذي لا يتوافق مع اختلافاتنا. هؤلاء المحتلون ما كانوا ليتمكنوا من دخول لبنان لو لم يكن لهم مؤيدون في الداخل لاسباب طائفية او عقائدية.
بسبب هذا النظام المركزي الذي جمع تناقضات اللبنانيين المتنوعة، دينيًا، ثقافيًا، اجتماعيًا وعقائديًا، اصبحت كل طائفة او فكر حزبي عقائدي يريد ان يستأثر بالسلطة المركزية، ولتحقيق ذلك يستقوي بدولة اجنبية من طائفته او ميوله الفكرية والثقافية على باقي الطوائف ويخضعها له بالقوة.
هذا النظام العقيم هو من شكّل ميليشيات طائفية تتمول بالسلاح من الدول التابعة لها، وتعلن وبكل وقاحة ولاءها لها وتمويلها منها، هذا النظام هو من مكّن لكل طائفة عبر تاريخ لبنان التسلط على السلطة المركزية ومقدراتها وخيراتها، واهم من ذلك قراراتها السيادية وتوزيع الفتات على البقية.
من بعد الاستقلال، اجتمع الموارنة والسنة وقسموا لبنان فيما بينهما وتناسيا باقي الطوائف التي شعرت بالغبن والحقد واقتنصت الفرص لاسترداد حقها بأي وسيلة حتى لو بالسلاح والاستعانة بدول خارجية. بدأنا عمليًا بهذا الصراع عام ٥٨ وما زلنا حتى اليوم، ولن تنتهي هذه الصراعات والاستقواء بالخارج وفائض القوة اذا لم نعالج اساس المشكلة وهو هذا النظام الفاشل في ادارة التعددية وتقسيم عادل للسلطة ومقدرات الدولة ومداخيلها. نظام فشل في تحقيق العدالة الاجتماعية، الانماء المتوازن والمشاركة في السلطة او حتى مداورتها.
حرم هذا النظام الشاذ الكثيرين من ادارة شؤون مناطقهم كما يتناسب مع خصوصيتها، ثقافتها، مجتمعها واحتياجاتها. شكّل هذا النظام تفاوتاً مرعباً مدمراً بين المناطق وفي مختلف المجالات: الصحة، التعليم، الأمن والاستقرار، وجعل من مناطق بأسرها وكأنها خارج لبنان، مثل الجنوب والبقاع والشمال والمناطق النائية.
لم يصطلح حال لبنان طالما لم يزل البعض متمسكاً بهذا النظام ولا يريد ان يعترف انه اثبت عقمه وفشله وشذوذه في ادارة تعددية هذا البلد واختلافاته، طائفيًا عقائديًا فكريًا ثقافيًا واجتماعيًا. ١٠٠ عام من الفشل ثم اعادة المحاولة ثم الفشل من جديد، وكانت النتيجة حروباً وصراعات واقتصاداً مدمراً.
ونواصل إعادة التجربة نفسها، على امل الوصول الى نتائج افضل. يقول اينشتاين “الغباء هو فعل نفس الشيئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة”.
نحن في لبنان لا نفعل الأمر مرتين فقط، بل مرات عدّة ويرغب البعض في اعادة المحاولة!
اي منطق و أي عقل هذا؟
آن الاوان لإعتناق نظام متحضر راقٍ جديد اثبت نجاحه في ادارة تعددية الكثير من دول العالم التي تصنف من دول العالم الاول واكثرها تحضرًا ونجاحًا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ماذا ننتظر بعد؟ ألم نكتفِ بعد من الحروب والصراعات وانعدام الاستقرار الاجتماعي الامني والاقتصادي؟
ألم يحن الوقت للاعتراف بفشلنا في ادارة تعددية هذا البلد والاختلاف القائم بين اطياف مجتمعه؟
ما هو المستقبل المنتظر لاولادنا والاجيال القادمة؟ علينا ان نبني لهم وطناً متحضراً سياديّاً مستقلاً وتكون تعدديته من اسباب جماله ورقيه وليس العكس.
Mtv