الذكاء الاصطناعي يقتحم مجال الموسيقى.. كيف يمكن حماية حقوق النشر؟
خلال فترة قليلة استطاع الذكاء الاصطناعي اقتحام مجالات عدة كانت “حكرا على البشر”، وجاء آخرها صناعة الموسيقى، فيما يتحدث مختصون لموقع “الحرة” عن معنى ذلك وتأثير عمل تلك الأنظمة الذكية بهذا المجال وسبل حماية حقوق الملكية الفكرية والنشر للعاملين به.
ويمكن للذكاء الاصطناعي “إعادة تشكيل صناعة الموسيقى”، وتنقسم حوله الآراء بين الإشادة بـ”قدرته على خلق أغانٍ فريدة”، وبين انتقاد لـ”افتقاره العاطفة والروح” التي يمتاز بها العنصر البشري، وفقا لتقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ويتمتع صناع الموسيقى البشر بالقدرة على نقل مجموعة واسعة من المشاعر وإضافة أسلوبهم الفريد إلى موسيقاهم، ولديهم الإبداع والخبرة لتفسير الكلمات ومنحهم “أسلوب خاص”.
وعلى جانب آخر، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي ” أداة مفيدة للملحنين والمنتجين لتجربة أصوات وأنماط جديدة من الموسيقى”.
ويشعر العديد من صناع الموسيقى أنهم على وشك دخول “العصر الذهبي” للإبداع المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه دفع مجالهم في اتجاهات جديدة، حسب تقرير لمجلة “فوربس”.
إيجابيات وسلبيات
في حديثه لموقع “الحرة” يشير الخبير التقني، عمر قصقص، إلى “جوانب إيجابية وأخرى سلبية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الموسيقى”.
وتثير تلك القضية “حالة من الجدل”، فصناع الموسيقى في حاجة لاستخدام “أدوات الذكاء الاصطناعي” خلال عملهم، ولا غنى عن العنصر البشري كذلك الذي يمتلك “الأحاسيس والإنسانية”، حسب توضيحه.
ويتحدث عن قدرة الذكاء الاصطناعي على “خلق موسيقى وأصوات مشابهة لأخرى موجودة بالفعل”، ويمكن لتلك الأنظمة الذكية “إنشاء صوت أو تغيير طبيعة الأغنية بإضافة أو إزالة بعض المقاطع أو المؤثرات”.
ويثير ذلك الخلاف حول “مساهمة الذكاء الاصطناعي في ابتكار موسيقى إبداعية من جانب، وحماية حقوق الفنانين والموسيقيين من جانب آخر”، ما يتطلب وجود “تشريعات تحسم ذلك الأمر”، وفق الخبير التقني.
ويتفق معه خبير تكنولوجيا المعلومات، سلوم الدحداح، الذي يتحدث عن الحاجة إلى “تشريعات جديدة” لحماية الحقوق الملكية والفكرية لـ”المبدع الأصلي”
وإذا تم تعديل أي موسيقى أو أغنية باستخدام الذكاء الاصطناعي، فيجب أن يتم ذلك بموافقة “الفنان الأساسي” صاحب حقوق النشر للعمل، وفقا لحديثه لموقع “الحرة”.
كيف يمكن حماية النشر؟
وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يشير استشاري تشريعات التحول الرقمي والابتكار والملكية الفكرية والنشر، محمد حجازي، إلى “عدم أحقية أي شخص استخدام موسيقى أو أغنية دون الحصول على إذن صاحب العمل الأصلي”.
وإذا تم استخدام “موسيقى أو لحن أو أغنية” لفنان دون الحصول على إذن مسبق منه، فمن حق صاحب العمل الأصلي أو ورثته “مقاضاة الشخص أو الشركة أو الجهة” المقدمة على ذلك، وفق استشاري الملكية الفكرية.
ويعد استخدام العمل الأصلي دون إذن مسبق انتهاكا لـ”حقوق الملكية الفكرية والنشر وقوانين الخصوصية وحماية البيانات”، حسبما يوضح.
ويؤكد حجازي أنه من حق مالك العمل الأصلي “مقاضاة الجهة التي تنتهك تلك القوانين، والحصول على أحكام قضائية تعاقب القائمين على ذلك”.
ومن جانبه، يشير الدحداح، إلى إمكانية مقاضاة “المنصة” التي ظهرت عليها الأغنية والشخص الذي قام بـ”صناعتها”، وكذلك الشركة المطورة أو صاحبة أداة الذكاء الاصطناعي التي تم من خلالها “صناعة العمل”.
ومن جانبه، يوضح قصقص أن حقوق النشر تعود لـ”الفنان أو شركة الإنتاج صاحبة الحقوق الأصلية”، وأي تقليد لذلك العمل من خلال “البشر أو الذكاء الاصطناعي” يعد انتهاكا لـ”حقوق الملكية”.
ويجب الحصول على إذن من الفنان لـ”استخدام صوته أو الموسيقى الخاص به”، قبل إعادة الاستخدام مرة أخرى، وفي حال وفاته يجب موافقة “أسرته أو الشركة صاحبة حقوق الملكية على ذلك”، وفق الخبير التقني.
وفي حال استخدام الموسيقى الأصلية تقع المسؤولية على “الشخص الذي استخدام صوته أو الشركة القائمة بذلك”، ويمكنه رفع دعوى قضائية تجاه هذه الجهة، والمطالبة بتعويضات بخصوص ذلك.
ويشير قصقص إلى أن الفنان صاحب العمل الأصلي لديه القدرة على الحصول على “أمر قضائي” بإزالة الموسيقى أو الأغنية من المنصة التي قامت بنشرها.
هل نحتاج تشريعات جديدة؟
يشير حجازي إلى معضلة تتعلق بقدرة الذكاء الاصطناعي على تجمع أصوات وإخراجها بـ”صوت مختلف عن الطبيعي”.
ووقتها من الممكن يتم تسجيل الموسيقى أو الأغنية ببصمة صوت لشخص “غير حقيقي”، وفي تلك الحالة لا يمكن مقاضاة من قام بذلك، وفق استشاري الملكية الفكرية.
ولذلك يشدد قصقص على ضرورة تطوير القوانين والتشريعات المنظمة لعمل الذكاء الاصطناعي خاصة بعد دخوله مجال صناعة الموسيقى، وتسببه في “مشكلات عدة” تحتاج لنمط جديد من القوانين.
يذكر أن مكتب حقوق الطبع والنشر التابع للإدارة الأميركية أطلق، في مارس الماضي، مبادرة لتقييم قانون حقوق الطبع والنشر والقضايا الأخرى التي تثيرها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ، بما في ذلك نطاق حق المؤلف في الأعمال التي تم إنشاؤها باستخدام هذه الأدوات.
ومن المرتقب صدور دراسة بحثية حول نتائج التحقيق الذي أشرفت عليه الجهة الحكومية
ومنذ أبريل الماضي، سيتعين على الشركات التي تنشر أدوات الذكاء الاصطناعي، الكشف عن أي مواد محمية بحقوق الطبع والنشر مستخدمة لتطوير أنظمتها، وفقا لاتفاقية مبكرة للاتحاد الأوروبي يمكن أن تمهد الطريق لأول قوانين شاملة في العالم تحكم تكنولوجيا.
وبدأت المفوضية الأوروبية في صياغة قانون الذكاء الاصطناعي منذ ما يقرب من عامين لتنظيم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الناشئ.
ووافق أعضاء البرلمان الأوروبي في الشهر نفسه على دفع المسودة إلى المرحلة الثالثة، والتي سيقوم خلالها المشرعون والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بكتابة التفاصيل النهائية لمشروع القانون.