الـ15 ألفاً “ترقيعيّة”.. وعواقب وخيمة على الليرة والمجتمع
جاء في “المركزية”:
ملفات سياسية واقتصادية عديدة يتأثّر بها القطاع الخاص وسط الظروف التي يمرّ فيها لبنان، فتترك أثرها على نشاطه، في حين أنه أحد الركائز الأساسية لتشغيل الدورة الاقتصادية في لبنان. فما موقف بعض القيمين عليه من أحدث التطورات؟
المستشار الاقتصادي وعضو تجمع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL جان طويلة يجيب عبر “المركزية” عن سلسلة أسئلة في الإطار.
– يكثر الحديث مؤخّرًا عن تعديل سعر الصّرف الرسميّ ورفعه إلى ١٥،٠٠٠ ليرة لبنانية. ما هو موقف تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين والقطاع الخاصّ من هذا الموضوع؟
نحن نعتقد كتجمّع وكقطاع خاص شرعيّ، أنّ أيّ قرار برفع سعر الصّرف الرسميّ كالمُتداول حاليّا في الإعلام إلى١٥،٠٠٠ ل.ل. هو عشوائيّ و”ترقيعيّ” على حدّ سواء. فالهدف الفعليّ لهذا القرار المُحتمل هو تأمين ايرادات إضافية لخزينة الدولة لدفع النّفقات، وتحديدًا رواتب الموظّفين في القطاع العام. نحن نرى أنّ الوقت قد حان فعلا لاتّباع خطّة مُستدامة وواضحة تؤمّن استقرارا نقديا حقيقيّا في البلد، حيث أنّ الوضع الحالي المأزوم غير مقبول وهو لم يعد يحتمل الانتظار على الإطلاق. في هذا الإطار، المشكلة الفعلية هي انعدام الاستقرار النقدي. فهذه الخطوات التي يتمّ اتّباعها مثل رفع سعر الصّرف الرّسميّ، أو زيادة الضّرائب التي سوف يدفعها فقط القطاع الخاص الشّرعيّ والمواطن اللبناني الصّالح في نهاية المطاف، بغية تأمين الرّواتب، يعكسان غياب الإرادة والنيّة لدى السّلطة بالقيام بالاصلاحات المطلوبة، وإعادة هيكلة القطاع العامّ، وتحسين الإدارة، والحَوكمة، ووقف النّزيف في قطاع الكهرباء، ووقف الهدر والصّفقات المشبوهة.
إنّ النتيجة الأكيدة للاستمرار باتّباع هذا النهج غير المسؤول في معالجة الأزمة، هي بقاء سعر صرف الليرة اللبنانية في حالة تدهور، لأنّ العمليّة الحتميّة لطباعة العملة من قبل مصرف لبنان ستزيد الضّغط على الليرة اللبنانية التي ستَتَدَهْوَر فعليا أكثر فأكثر. وهذا الأمر ستكون له عواقب وخيمة على المجتمع اللبناني الذي يعاني بشكل رهيب، حيث أصبح ٨٠٪ في المئة منه تحت خط الفقر.
– لاحظنا أنّ لجان التّنفيذ والاقتراحات العديدة في التّجمّع نظّمت خلال الشهرين المنصرمين أحداثًا كثيرة تناولت مواضيع مثل التّسهيلات التّجارية، والزراعة، والصحّة، والسياحة. ما هي الغاية من تنظيم هذه الأحداث؟ وما هي الخطوات العملية الّتي تستتبعها؟
يجدر التّركيز على القطاع الخاص اللبناني الشّرعيّ الذي يدفع الضرائب ويصرّح عن عائداته بشفافيّة. ففي ظلّ السياسات الكارثية والاقتصاد النقدي، ازداد حجم القطاع الخاص الموازي بشكل هائل، وهذا سيزداد مع مرور الوقت. ولكن بالرغم من ذلك، فإنّ القطاع الخاص يدير الأزمة على الصعيد الداخلي. من هنا تأتي هذه الأحداث وورش العمل العديدة التي ينظّمها تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين، والتي تهدف الى اقتراح حلول عمليّة للمعضلات والأزمات التي تواجهها مختلف القطاعات المنتجة، والتي دفعت العديد من الشركات إلى إعادة هيكلة تمكّنها من الصمود والحفاظ على الوظائف.
– لاحظنا في بيانات صحافية عديدة خلال الفترة الأخيرة، أنّ التّجمّع تناول الفراغ الرئاسي محذّرا من خطورته، وداعيًا المسؤولين إلى التّحرك حيال هذا الموضوع. ها نحن اليوم دخلنا في الفراغ السياسي. ماذا يمكنكم قوله حول هذا الموضوع؟ وما هو تأثيره الفعليّ على القطاع الخاصّ؟
نحن نعتبر أنّنا وصلنا اليوم الى مرحلة فشلت فيها الدولة وانهارت جميع مؤسساتها، ابتداء من القضاء ووصولًا إلى المجلس النيابي غير القادر على القيام بعمل ديموقراطي وانتخاب رئيس للجمهورية، وانهاء حالة الفراغ الرئاسي والدستوري. إنّ جميع هذه العوامل تجعل من لبنان، للأسف الشّديد، بلدا فاشلا… إنّ القطاع الخاص اللبنانيّ الشّرعيّ يؤمن بدولة القانون، التي لا يمكن أن تعمل دون أن تكون جميع مؤسساتها صامدة، بما فيها المؤسسات العامة. وبالتّالي، فإنّ تنظيم العمل الدستوري والمؤسساتي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية حسب مقتضيات الدستور. والمطلوب من الرئيس العتيد أن يمتلك رؤية واضحة للإصلاح، والحوكمة، وإعادة بناء لبنان على أسس سليمة.
– عقب الاتّفاق على ترسيم الحدود البحرية، كان لافتًا بيان للتّجمّع، أعطى فيه ملاحظات حول هذا الموضوع، مطالبا بادارة رشيدة لواردات القطاع. كيف تنظرون الى هذا الملف؟
إنّ المشكلة الأساسيّة اليوم تكمن في الانعدام التامّ للثقة بالدولة اللبنانية وبمسؤوليها. لذلك، نعتبر أنّ من الضروري إعادة بناء هذه الثقة، وذلك من خلال حسن إدارة إيراداتنا، كما وقدرتنا على حلّ المشاكل الجوهرية في الاقتصاد اللبناني التي ادّت الى الانهيار الحاصل. فإن لم نتعامل مع هذا الموضوع بطريقة جدّية، ولم نقم بالإصلاحات المطلوبة لبناء نظام اقتصادي مستدام منافس وحرّ، فسيكون مصير الارادات النفطية الّتي ستصل إلى لبنان كمصير كلّ الأموال الّتي تمّ هدرها في السّابق.