المياه… هل من الممكن ان تتوفر على سطح القمر؟
توصل باحثون من جامعة كولورادو بولدر الأميركية إلى أن القمر قد يحتوي على كمية من الماء أكثر مما كان يُعتقد سابقا؛ وبالتالي فإن رواد الفضاء يمكنهم الشرب والاستحمام على سطح القمر في المستقبل باستخدام تلك المياه التي تسببت فيها الانفجارات البركانية القديمة.
ووفقا للدراسة -التي نشرت في دورية “ذا بلانتيتري ساينس جورنال” (The Planetary Science Journal)، فقد اعتمد الفريق العلمي على نماذج ومحاكاة حاسوبية لمحاولة إعادة خلق الظروف على القمر قبل فترة طويلة من ظهور الحياة المعقدة على الأرض، واكتشفوا أن براكين القمر القديمة تنفث كميات هائلة من بخار الماء، التي وصفها الباحثون بأنها ستكون مكافأة محتملة لمستكشفي القمر في المستقبل الذين سيحتاجون إلى الماء للشرب.
الانفجارات البركانية على القمر
وحسب البيان الصحفي الصادر عن جامعة كولورادو، فإنه منذ مليارات السنين اندلعت سلسلة انفجارات بركانية على سطح القمر، مما أدى إلى تغطية مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة من سطح الجرم السماوي بالحمم الساخنة، وعلى مر العصور خلقت الحمم البركانية البقع الداكنة التي تعطي وجه القمر مظهره المألوف.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن البراكين ربما تركت تأثيرا آخر على سطح القمر، وهو صفائح من الجليد التي تنتشر في أقطاب القمر وفي بعض الأماكن، ويمكن أن يصل سمكها إلى عشرات أو حتى مئات الأمتار.
يقول أندرو ويلكوسكي -المؤلف الرئيسي للدراسة من قسم الفيزياء الفلكية وعلوم الكواكب ومختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء- “نتخيلها على أنها صقيع على القمر تراكم بمرور الوقت”.
ويقول المؤلف المشارك في الدراسة بول هين إن هذه مكافأة محتملة لمستكشفي القمر في المستقبل الذين سيحتاجون إلى الماء للشرب ومعالجة وقود الصواريخ، حيث من الممكن أن تكون هناك طبقات جليدية كبيرة تحت السطح على عمق 5 أو 10 أمتار.
هل يغرق القمر بالماء يوما ما؟
ووفقا للدراسة الجديدة، فإن هناك أدلة تشير إلى أن القمر قد يغرق في كمية من الماء أكثر مما كان يعتقده العلماء من قبل. ووفقا للبيان، فإن الباحثين قدروا أن ما يقرب من 9656 كيلومترا مربعا من سطح القمر يمكن أن تكون قادرة على محاصرة الجليد، وهو غالبا ما يكون متواجدا بالقرب من القطبين الشمالي والجنوبي للقمر، لكن العلماء لا زالوا لا يعرفون بشكل واضح من أين أتت كل تلك المياه.
وحول المصادر المحتملة لمياه القمر، يقول هين إن “هناك كثيرا من المصادر المحتملة في الوقت الحالي؛ إذ يمكن أن تكون براكين كبيرة مصدر مياه القمر، فمند 2 إلى 4 مليارات سنة اندلعت عشرات الآلاف من البراكين عبر سطح القمر، مما أدى إلى ظهور أنهار وبحيرات ضخمة من الحمم البركانية.
ويضيف البيان أن الأبحاث الحديثة التي أجراها علماء في معهد القمر والكواكب في هيوستن بولاية تكساس الأميركية أظهرت أن هذه البراكين من المحتمل أيضا أن تكون قد قذفت سحبا شاهقة تتكون في الغالب من أول أكسيد الكربون وبخار الماء، ثم تدور هذه السحب حول القمر، مما قد يكون قد أدى إلى تكوين أجواء رقيقة وقصيرة العمر.
ودفع ذلك هين وويلكوسكي إلى التساؤل: هل من الممكن أن يكون هذا الغلاف الجوي نفسه قد ترك جليدا على سطح القمر، يشبه إلى حد ما الصقيع الذي يتشكل على الأرض بعد ليلة باردة؟
كيف تشكل جليد القمر؟
حسب ما ورد في تقرير صحيفة “إندبندنت” (The Independent) البريطانية، فقد بينت النمذجة الحاسوبية الخاصة التي اقترحها الباحثون أن نحو 41% من بخار الماء المنطلق من البراكين القمرية خلال فترة نشاطها يمكن أن يتجمد كجليد.
وقال أندرو ويلكوسكي “هذه المياه البركانية الجليدية التي تراكمت على سطح القمر خلال فترات طويلة من الزمن، والمكونة من طبقات من الجليد، تعد نعمة لمستكشفي القمر الذين يحتاجون إلى المياه للشرب والاستحمام، حتى لو اضطروا إلى الحفر وإزالة بعض الأوساخ القمرية للوصول إلى هذه المياه”.
وفي وقت سابق، وتحديدا في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أكد علماء أميركيون لأول مرة وجود جزيئات ماء محاصرة داخل حبيبات معدنية على سطح القمر، مع احتمال وجود المزيد منها في بقع جليدية بمناطق الظلال الدائمة التي لا تصل إليها أشعة الشمس.
ومن ناحية أخرى تخطط وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لإعادة رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2024، وهي مهمة ينظر إليها من زاوية أنها تمهد الطريق لرحلة لاحقة تحمل طاقما إلى المريخ.”الجزيرة”