صحة

موجة قوية من الأنفلونزا في لبنان: نمط جديد لا مناعة ضدّه

تسبب فيروس الأنفلونزا هذه السنة، بموجة قوية أدت إلى إقفال بعض المدارس لعدة أيام أو اإغلاق صفوف فيها نتيجة الإصابات المرتفعة بالفيروس. أعاد هذا المشهد السيناريو الصحي خلال جائحة كورونا، وعاد ارتداء الكمامة إلزامياً للتخفيف من خطر نقل العدوى. لكن كان لافتاً أن قرار المدارس كان تلقائياً من دون العودة إلى وزارة التربية، حيث عمدت كل مدرسة إلى اتخاذ القرار الذي تراه مناسباً حسب نسب الحالات الإيجابية للأنفلونزا.
وكتبت ” النهار”:عوامل كثيرة لعبت دوراً في هذه العودة القوية للفيروس، فبعد اختفاء الأنفلونزا مع كورونا عادت لتظهر مع تراجع تدابير الوقاية وتطور الفيروس والاختلاط الكبير اجتماعياً. وبات مؤكداً أن الأنفلونزا الموسمية التي تنتشر في لبنان سببها الفيروس من النمط “ب” والسائد اليوم يعود لسلالة H3N2 الذي يصيب اللبنانيين والذي يعتبر جديداً على الجهاز المناعي بعد سنتين على غياب الفيروسات التنفسية نتيجة انتشار كورونا.
في العام 2020 كانت إصابات الأنفلونزا في أدنى مستوياتها، في حين تُسجل اليوم ارتفاعاً واضحاً وعوارض متفاوتة بين متوسطة وشديدة. وعليه، عادت الأمراض الموسمية لتطغى على المشهد في ظل انتشار الكوليرا والكورونا في الوقت نفسه.
وأظهرت تجربة نصف الكرة الجنوبي في عام 2022 – حيث انقضى الآن موسم الأنفلونزا الممتد من آذار حتى أيلول – ارتفاعًا في حالات الأنفلونزا. واستنادًا إلى تلك الملاحظة، يتوقَّع إقليم شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية عودة قوية للأنفلونزا.
وفي هذا الصدد، يشرح الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور جاك شقير أن “أنماط الأنفلونزا الموجودة هي أربعة A، B ، C وD، وكان النمط السائد في الماضي هو النمط “ب”، أما خلال السنوات الأخيرة فبدأنا نشهد نمط الأنفلونزا A (انفلونزا الطيور H1N1) ومن ثم أنفلونزا الخنازير … إذاً النمط السائد اليوم هو النمط A.
أما بالنسبة إلى تسمية Hو N فهي تعود إلى Hemagglutinin و neuraminidase وهي بروتينات موجودة على سطح الفيروس وتكون مرقّمة، وفق ما يوضح شقير، متابعاً: “عادة يتطور الفيروس بطريقة بسيطة كل سنة. وتسمى هذه العملية بالـDrift وكل 3 سنوات يتطور بطريقة كبيرة وتُسمى Shift والتي تعني ظهور فيروس مختلف تماماً عن الفيروس الذي كان موجوداً سابقاً.
ويؤكد شقير أن هذا التطور الكبير للفيروس يعني أن جسمنا ليس لديه مناعة ضده لأنه جديد والجهاز المناعي يتعرف عليه. وحسب تقديرنا أن هذه السنة تطور الفيروس بشكل كبير ( shift) ما سبب موجة أنفلونزا قوية تفتك باللبنانيين.
لذلك نشدد على أهمية تلقي اللقاح لكل المواطنين لأنه يقلل من حدة العوارض خصوصاً عند الأشخاص الأكثر عرضة للمضاعفات مثل الأطفال وكبار السن والحوامل والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة وأمراض مزمنة وأمراض رئوية.
وعن نسبة الإصابات، يشير شقير إلى أنه “لا يوجد بيانات أو إحصاءات حول هذا الموضوع لأن الناس غير قادرين على إجراء الفحوص للتأكد من إصابتهم، أو ينحصر الفحص بشخص واحد في العائلة بدلاً من كل الأفراد. وكل ذلك يؤثر في دقة المعطيات والأرقام. لكن ما نعرفه أن الإصابات كثيرة والعيادات مليئة بالمرضى والاتصالات التي نتلقاها يومياً لا تتوقف، وبالتالي الأعداد كبيرة، إلا أن الإحصاء غير دقيق وغير موجود.
تتشابه العوارض بين فيروس أنفلونزا وكورونا والرشح العادي، ويكون الفحص السريري والفحص المخبري الوسيلة الأفضل للتأكد من نوع الإصابة وسببها. وبما أن الفيروس لا يميز أحداً، تعتبر كل الفئات معرضة للإصابة، إلا أن خطرها يكون أكبر على الفئة الأصغر سناً (الأطفال دون الخمس سنوات) وكبار السن (فوق الـ65 عاماً) والأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة وأمراض مزمنة أو سرطانية أو الحوامل أو مرضى القلب والكلى. هذه الفئات معرضة أكثر لمضاعفات الفيروس، وتواجه خطر التهاب رئوي أو الإصابة ببكتيريا بعد الإصابة بالفيروس ويؤدي إلى مشاكل والتهابات أخرى.
وتشمل عوارض الأنفلونزا:
* حرارة مرتفعة
* آلام في الجسم والعضلات
* صداع
* ألم في الحنجرة
* سيلان أو احتقان في الأنف
* إسهال وتقيؤ ( في بعض الأحيان)
ولكن بالنسبة إلى شقير يبقى الأهم طريقة العلاج وعدم أخذ مضادات حيوية لأنه لن يفيد في حالة فيروس الأنفلونزا وليس لديه أي مفعول بتاتاً على الفيروس، وسيؤدي إلى تكاثر الفيروس في الجسم وتدهور حالة المريض واشتداد عوارضه أكثر. في حين هناك دواء للأنفلونزا وهو متوفر في لبنان واسمه oseltamivir ويجب التشخيص المبكر وتناوله لتفادي اشتداد العوارض وتكاثر الفيروس.
ونتيجة زيادة الحالات وإقفال بعض الصفوف في المدارس، هل يجب إقفال المدارس لأسبوعين لكبح جماح الأنفلونزا في لبنان؟ يرى شقير “أنني كنتُ مع تلقي اللقاح لتفادي نقل العدوى والتخفيف من عوارض الإصابة، ولكن نسبة تدني التلقيح أدت إلى انتشار الفيروس أكثر. لذلك أدعو كل من لم يتلقَّ اللقاح إلى تلقيه والتخفيف من خطر نقل العدوى أو حتى التقليل من حدة العوارض”.

Related Articles