نستخدم شفاهنا كل يوم، لكن هل سألت نفسك يوماً لماذا تختلف شفتاك عن أجزاء أخرى من جسمك، ولماذا هي شديدة الاحمرار وحسّاسة للغاية وعرضة للجفاف، ولماذا تطور البشر ليصبح لديهم شفاه في حين أنَّ كائنات أخرى –على سبيل المثال، الطيور والسلاحف- تعيش على ما يرام بدونها.
لماذا شفاه البشر حمراء اللون؟
نويل كاميرون، أستاذ البيولوجيا البشرية في جامعة “Loughborough” بالمملكة المتحدة، يقول لموقع Live Science الأمريكي: “تؤدي الشفاه دوراً أساسياً مهماً في الأكل والتنفس والكلام، كما أنها حساسة للغاية، إذ تحتوي على نحو مليون طرف عصبي، وهذا هو سبب تأثرها باللمس والتغيرات في درجات الحرارة ومستويات الرطوبة”.
وأضاف: “يشكل جلد الشفة الحدود بين الجلد الخارجي للوجه والغشاء المخاطي داخل الفم، ويُمثّل هذا الغشاء المخاطي مساحة كبيرة في القشرة الحسية للدماغ، ومن ثمَّ فهو شديد الحساسية”.
في حين أن جلد الشفة، المكوَّن من 3 إلى 5 طبقات خلوية، رقيق جداً مقارنة بجلد الوجه الطبيعي، الذي يتكوَّن ممّا يصل إلى 16 طبقة.
يحتوي جلد شفاه أصحاب البشرة الفاتحة على عدد أقل من الخلايا الصبغية، وهي الخلايا المنتجة لصبغة الميلانين المسؤولة عن منح الجلد لونه، ولهذا السبب، تظهر الأوعية الدموية من خلال جلد الشفاه، ما يؤدي إلى لونها الأحمر الملحوظ، وفقاً لما ذكره موقع BuzzFeed News الأمريكي.
فيما يكون هذا التأثير أقل وضوحاً لدى أصحاب البشرة الداكنة، لأنَّ جلد الشفاه يحتوي على كمية أكبر من الميلانين، ومن ثمَّ تبدو الشفاه بلون أغمق.
كما أنّ هناك اختلافات أخرى أيضاً بين الشفاه وأجزاء أخرى من وجه الإنسان، إذ إنّ بشرة الشفاه رقيقة للغاية ولا ينمو بها شعر ولا تحتوي على غدد عرقية، لذا، فهي هشة نسبياً وتتعرّض للجفاف والتشقق بسهولة.
كما تخلو الشفاه أيضاً من طبقة الحماية المعتادة المُتمثلة في الزيوت الطبيعية التي يفرزها الجسم وتحافظ على نعومة الجلد وتمنع العوامل الممرضة، لذا تجف الشفاه على نحو أسرع وتتعرَّض للتشقّق بسهولة.
إضافة إلى ذلك تخلو الشفاه من وجود بصيلات شعر، كما هو الحال في باطن القدمين وراحة اليد، ويعود ذلك إلى أنَّ هذه الأجزاء من الجسم تكون أكثر فاعلية بدون شعر، إذ سيجد الإنسان صعوبة أكبر في الإمساك بالأشياء إذا كانت راحة يدينا مشعرة وستقل قدرة شفاهنا على الكلام الواضح في حال كانت مثقلة بالشعر.
هل الشفاه ضرورية للكلام؟
نويل كاميرون أوضح أنَّ الشفاه قادرة على الحركة العضلية الدقيقة والجسيمة من خلال 5 عضلات لرفع الشفة إلى أعلى و4 عضلات لتحريكها إلى أسفل، وهو ما يمنح البشر القدرة على التواصل من خلال الكلام.
ويقول كاميرون: “الشفاه ضرورية لنطق الأصوات الساكنة الأسنانية الشفوية وثنائية الشفتين، إضافة إلى تقريب حرف العلة”.
وبالتالي لن يستطيع المرء نطق الأصوات ثنائية الشفتين إلا باستخدام كلتا الشفتين (على سبيل المثال، حرف “الباء”).
بينما تتطلب الأصوات الأسنانية الشفوية استخدام الشفاه والأسنان (على سبيل المثال، حرف “الفاء”).
ومن هنا يتضح جلياً أنَّه بدون استخدام الشفاه أو تحريكها، من الصعب للغاية نطق أحرف معينة، وهذا يعطي فكرة عن الصعوبات التي يواجهها المتكلمون من بطونهم.
(عربي بوست)