صحة

سم العناكب والثعابين … هل يمكن تحويله الى علاج؟

ازدهرت السنوات الأخيرة الجهود المبذولة لتفكيك البروتينات الموجودة في سم بعض الكائنات ليتم التوصل إلى اكتشافات دوائية مهمة. ومع تواصل البحوث حول مكونات هذه السموم الطبيعية من خلال التقنيات المتطورة، يتزايد عدد الجزيئات الواعدة المكتشفة.
وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” The New York Times الأميركية، نقل الكاتب جيم روبنز، عن ليزلي في بوير، الأستاذة الفخرية في علم الأمراض بجامعة أريزونا، أنه “قبل قرن من الزمان كنا نظن أن السم يحتوي على 3 أو 4 مكونات، والآن نعرف أن نوعًا واحدًا فقط من السم يمكن أن يحتوي على آلاف الجزيئات”.

عنكبوت جزيرة فريزر المميت
ذكر الكاتب أن أكثر السموم الطبيعية تطورًا على هذا الكوكب يساهم في ابتكار عدد من الأدوية الفعالة، وأحد أكثر العقاقير الواعدة المشتقة من السم حتى الآن يأتي من عنكبوت جزيرة فريزر المميت قمعي الشبكة Fraser Island funnel web spider في أستراليا، الذي يوقف موت الخلايا بعد التعرض لنوبة قلبية.

ينخفض تدفق الدم إلى القلب بعد الإصابة بنوبة قلبية مما يجعل بيئة الخلية أكثر حمضية ويؤدي إلى موت الخلية. ومن المقرر أن يخضع هذا العقار، وهو بروتين يسمى “آيتش آي 1 إيه” (Hi1A) للتجارب السريرية العام المقبل.

وقد تم اختباره في المختبر على خلايا قلب نابض، وذلك حسب ما أكده ناثان بالبانت الباحث في جامعة كوينزلاند في أستراليا الذي ساعد في التوصل إلى هذا الاكتشاف.

النوبة القلبية
إذا أثبتت التجارب فعالية هذا العقار فيمكن استعماله في حالات الطوارئ، وقد يمنع الضرر الذي يحدث بعد النوبات القلبية وربما يحسن النتائج في عمليات زرع القلب عن طريق الحفاظ على صحة قلب المتبرع به لفترة أطول.

وأشار الكاتب إلى أن التقنيات المستخدمة في معالجة مركبات السم أصبحت متطورة جدا بحيث تصنع فرصًا جديدة. وقال الدكتور براين فراي، الأستاذ المشارك في جامعة كوينزلاند المتخصص في علم السموم “يمكننا إجراء فحوصات الوقت الحاضر باستخدام بضعة ميكروغرامات فقط من السم بينما كان ذلك قبل 10 أو 15 عامًا يتطلب مئات الميكروغرامات أو أكثر”.

مزيج معقد من السموم
هناك مئات الآلاف من أنواع الزواحف والحشرات والعناكب والقواقع وقناديل البحر والعديد من الكائنات السامة الأخرى، ويختلف تركيب السم من حيوان إلى آخر. ويتكون السم من مزيج معقد من السموم التي تتكون من بروتينات ذات خصائص فريدة، وتعد مميتة للغاية.

العديد من الأدوية المتاحة مشتقة من السم، على غرار دواء “كابتوبريل” Captopril الذي صنع لأول مرة في السبعينيات من سم أفعى الحفرة “جاراكا” Brazilian jararaca pit viper البرازيلية لعلاج ارتفاع ضغط الدم وكان ناجحًا تجاريًا، ودواء “إكسيناتيد” Exenatide المشتق من سم سحلية وحش جيلا Gila monster venom لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، ودواء “دراكولين” Draculin المصنوع من سم الخفافيش vampire bat venom المضاد لتخثر الدم ويستخدم لعلاج السكتة الدماغية والنوبات القلبية.

القواقع المخروطية
هناك بعض البروتينات التي قد تكون واعدة لصناعة عقاقير جديدة، ولكن لابد من خضوعها لسلسلة من عمليات التصنيع والتجارب السريرية الطويلة التي قد تستغرق سنوات عديدة وتكلف ملايين الدولارات.

ففي مارس/آذار الماضي، أعلن باحثون في جامعة يوتا أنهم اكتشفوا جزيئًا سريع المفعول في القواقع المخروطية cone snails التي تطلق سمومها على الأسماك مما يتسبب في انخفاض مستويات الأنسولين لدى الضحايا بسرعة كبيرة مما يؤدي إلى قتلها، وقالوا إنه دواء واعد لمرض السكري. كما أن سم النحل يعالج مجموعة واسعة من الأمراض ووُجِد مؤخرًا أنه يقتل الخلايا السرطانية في الثدي.

سم العقرب
يتم استخراج سم العقرب عن طريق تعريضه لتيار كهربائي ضئيل، مما يجعله يفرز قطرة صغيرة من السائل الكهرماني عند طرف ذيله، بينما يتم استخراج سم الثعابين عن طريق تدليك غدد السم برفق. بعد ذلك، يتم إرسال المواد المستخرجة إلى الباحثين في جميع أنحاء العالم.

كل هذه السموم قد تفتح مستقبلا مجالات لأدوية جديدة، مما ينعكس إيجابيا على صحة البشر.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة