لأنّنا لم نَمُت في ٤ آب…
كتب داني حداد في موقع mtv:
نحن الذين لم نمت في ٤ آب نعجز عن الاحتفال بالحياة التي كُتبت لنا. نشعر بالذنب لأنّنا نجَوْنا. ونشعر أحياناً بأنّنا لا نستحقّ هذه الحياة. لسنا أفضل ممّن رحلوا.
ويحصل أن نخجل إذ لا ندوب على أجسادنا. لم نخسر عضواً، ولا بُتر اصبعنا ولا فقدنا نظراً. وفي ذلك خجل ما بعده خجل.
حتى أنّ بيوتنا لم تصبح بلا سقف، ولا تصدّعت جدرانٌ واقتُلعت أبوابٌ ونوافذ. بيوتنا كما هي. غرف نوم، ومطبخ وغرفة جلوس نتابع على الشاشة فيها صور الضحايا، ونحن لسنا منهم. ونزداد خجلاً.
لكلّ منّا قصّته في ٤ آب، وغصّة. من جُرح ومن لم يُجرَح. من فقد عزيزاً ومن لم يفقد. من دُمّر منزله ومن لم يدمّر. من كان قريباً من المرفأ ومن كان بعيداً.
هو انفجارٌ يصيبك ولو كنت في “آخر الدني”. يقتل فيك شيئاً ما. يسلب بعضاً من ابتسامتك. نحن الذين نضحك بعد ٤ آب، إنّما نضحك بطريقةٍ مختلفة. نحرّك عضلات الوجه، بينما القلب حزين.
هو انفجارٌ يجعلك تستخفّ بالأشياء. تترفّع. يضيف تجاعيد على الوجه، قد لا تظهر، ولكنّها موجودة ويمكنك تحسّسها.
اليوم، في ٤ آب العائد كوحشٍ، سنذرف دموعاً، وسنشعر بضيق صدر، وقد نحيد بوجوهنا عن الشاشة كي لا تشاهد أعيننا مناظر مؤلمة. هذه أمورٌ قد تحصل معنا.
ولكنّنا سنشعر بالذنب من جديد، وسنخجل لأنّنا لم نصبح صورةً في إطار ترفعه امرأةٌ متّشحة بالسواد، ولا صورةً مطبوعةً على زرّ قميص أبٍ أو شقيق.
٤ آب ثقيلٌ ثقيل. وخجلنا كبيرٌ كبير. وحكّامنا لا يخجلون. حكّامنا مجرمون، قاتلون، فاسدون، فاشلون…