لا حكومة قبل الرابع من آب.. هل تراجع “منسوب” الإيجابية؟
منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة، تسيطر أجواء “إيجابية” على الملفّ، وسط ترقّب لـ”دخان أبيض” طال انتظاره في قصر بعبدا، مع بدء العدّ العكسي لمرور عام كامل على استقالة حكومة حسّان دياب، على وقع انفجار مرفأ بيروت المروّع، لكنّها أجواء بدأت “تختلط” في الساعات الماضية مع “تسريبات” تميل نوعًا ما إلى “السلبيّة”.
منذ تكليف الرئيس ميقاتي أيضًا، ومن باب الإيجابيّات ربما، كما حُسن النوايا، حُكي عن “مهلة غير مفتوحة” يقيّد الرجل نفسه بها، قد لا تتجاوز الأسبوعين، إما ينجح خلال الرئيس المكلّف بإنجاز المهمّة التي “استعصَت” على سلفَيه السفير مصطفى أديب والرئيس سعد الحريري، وإما يلتحق بهما، فيعتذر عن استكمال المهمّة، ويرمي الكرة في ملعب المعطّلين الحقيقيّين.
وذهب البعض أبعد من ذلك، بـ”تقصير” هذه المهلة إلى حدودها القصوى، بتحديد الرابع من آب يومًا مفصليًا ومصيريًا، فإمّا تولَد الحكومة قبله بإرادة جماعيّة واضحة، وإما لا حكومة ولا من يحزنون، أمرٌ نفاه الرئيس ميقاتي في الساعات الماضية، حين استبعد إمكانية أن تبصر الحكومة النور قبل الأربعاء، داعيًا لمنحه “مهلة صغيرة للخروج من الحفرة”.
لماذا 4 آب؟
لا يبدو تحديد تاريخ الرابع من آب في سياق “حسم” ملف الحكومة عبثيًا وعفويًا، إذ إنّ هناك جوًّا عامًا في البلد، يوحي بأنّ مرحلة ما قبل هذا التاريخ، الذي يصادف الذكرى السنوية الأولى للانفجار الهائل الذي دمّر العاصمة بيروت عن بكرة أبيها، وقتل المئات وجرح وشرّد الآلاف، لن تكون كما بعده للكثير من الاعتبارات والأسباب.
من بين هذه الاعتبارات ما يُحضَّر له على الأرض، حيث تشير بعض التسريبات إلى تحرّكات عفويّة، وربما منظّمة، سيشهدها هذا التاريخ، ولن تكون محصورة بالمطالبة بالعدالة لضحايا التفجير الآثم، ووقف “مسرحية” التشويش والعرقلة، ولكنّها ستفجّر “الغضب الشعبي المتراكم”، والذي وصل إلى ذروته هذا الشهر، في ظلّ الوضع الكارثي على كلّ المستويات، ولا سيما على مستوى الكهرباء، مع تفاقم أزمة المازوت التي أدّت إلى “عتمة شاملة”.
لهذه الأسباب ربما، ثمّة من أراد أن تولد الحكومة قبل الرابع من آب، لعلّه يستطيع بذلك أن يوجّه رسالة “طمأنة” إلى الجماهير الغاضبة، بأنّ مرحلة “الإنقاذ” قد انطلقت عمليًا، ولو أنّها جاءت متأخّرة، وأن يدعوها انطلاقًا من ذلك، لمنح الحكومة العتيدة “فرصتها” لعلّها تنجح في “تعويض ما فات”، ووضع البلاد على “السكّة” الصحيحة، لكنّها رغبة لا تبدو قابلة للتحقيق في الوقت “الضيّق” الفاصل عن الرابع من آب.
هل بدأت “العقد” بالظهور؟
يرى كثيرون أنّ “ضيق الوقت” ليس وحده الحائل دون تحقيق الهدف، فمتى توافرت الإرادة الحقيقية، وتأمّنت شروط النجاح، يمكن أن تولد الحكومة في غضون ساعات، من دون الحاجة لأيام، إلا أنّ استبعاد الرئيس نجيب ميقاتي لقدرته على إنجاز المهمّة قبل الأربعاء يدلّ، وفق هؤلاء، على أنّه “اصطدم” على ما يبدو ببعض المعوّقات، والتي “استنبطها” البعض من الحديث التلفزيوني الأخير للوزير السابق جبران باسيل.
من هنا، بدأ منسوب “الإيجابية” يتراجع بعض الشيء، أقلّه في الأوساط الإعلاميّة، خلال الساعات الماضية، حيث بدأ الحديث عن “عقدٍ” برزت في المشاورات، وأدّت إلى “تأجيل” اللقاء الرابع بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف حتى الإثنين، قد لا تكون حقيبة الداخلية بعيدة عنها، هي التي وُصِفت بأنّها “أمّ العقد”، وقد أضاف إليها البعض نقاشات أخرى حول حقيبة العدل، والتوزيع الطائفي، والمداورة، وغيرها.
بيْد أنّ ما كان لافتًا أنّ الرئيس ميقاتي تعمّد، رغم كلّ هذه التسريبات، على إبقاء مناخ الإيجابية والتفاؤل في الصدارة، حيث أكّد أنّ “التفاهم كامل” مع الرئيس عون، وشدّد على أنّ أيّ “تنازل” يحصل هو من أجل الوطن، داعيًا لمنحه الفرصة، ومبتعدًا عن النقاط الخلافيّة المُثارة، ومثله فعلت الرئاسة التي اكتفت بالحديث عن “إيجابيّات”، في مسارٍ قد يكون مفيدًا، شرط أن يعكس الحقيقة، ولا يهرب منها.
لا شكّ أنّ “الإيجابية” التي يتمسّك بها الرئيس ميقاتي أكثر من ضرورية لتعبيد الطريق أمام ولادة الحكومة المُنتظَرة، لكن، في ظلّ تراكم “التسريبات” عن عُقَدٍ تظهر، وشروطٍ تُطرَح، وسواء صحّت أم لا، ثمّة من يسأل عمّا إذا كان جميع الأفرقاء أدركوا، فعلاً لا قولاً، أنّهم أمام “فرصة” قد لا تتكرّر لولادة الحكومة، بعيدًا عن المناكفات والنكايات وما شابه!
lebanon24