الإدارات العامة تُحتضر… ووضع الموظفين مُزرٍ
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
الخلاف بين رؤساء الوحدات والمصالح الرسمية في محافظة لبنان الجنوبي حال دون جعل اقفال الادارات العاملة في سرايا صيدا الحكومية كاملاً، كما كان الحال في المرّات السابقة، بالرغم من ان المطالب واحدة ولا اختلاف عليها. الاقفال تحوّل جزئياً بعدما انقسم الرؤساء والموظفون بين مؤيد ورافض للالتزام بقرار الإضراب الشامل، الذي أعلنته الهيئة الإدارية لرابطتهم لمدة ثلاثة ايام تنتهي يوم الجمعة.
وعلمت “نداء الوطن” ان رؤساء الوحدات تشاوروا كعادتهم عبر مجموعة “الواتساب” الخاصة بهم لاتخاذ موقف موحّد من الاضراب والاقفال ولكنهم لم يتفقوا، امتداداً الى الخلاف الذي حصل داخل الرابطة، إذ أيّد بعض اعضائها الاضراب والتصعيد، والبعض الآخر اعترض، على قاعدة ان امانة مجلس الوزراء ابلغت ان قرار المداورة 50% بين الموظفين في العمل ما زال سارياً ولم يعدّل وهو الممكن تحقيقه حالياً، فيما بقية المطالب لجهة تعديل مواقيت ساعات الدوام، وزيادة بدل النقل او اعطاء الموظفين قسائم محروقات لآلياتهم، وإيجاد الحل لمشكلة تدنّي القدرة الشرائية للراتب، سواء عن طريق احتساب الراتب على سعر المنصة او بإفادة الموظفين من البطاقة التموينية، تحتاج وقتاً لتحقيق ما أمكن منها.
وأبلغ مسؤول اداري “ان الالتزام بالاضراب هو رسالة للمسؤولين بأنّ الموظفين غير قادرين على التحمّل بعد اليوم، والإدارات العامة تحتضر، ونحن جادون في تصعيد التحركات الاحتجاجية التي بدأت في الأسابيع القليلة الماضية، بهدف ايجاد حلول لمعاناتهم المعيشية والمالية وتحقيق مطالبهم العادلة، في ظل تلاشي قيمة رواتبهم توازياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء”. وأوضح آخر انه يرفض “ان يساهم الاضراب في انهيار الدولة أكثر لجهة تعطيل معاملات المواطنين الذين يدفعون الثمن دائماً”، قائلاً: “نحن (الموظفين) الدولة ومرآتها ونرفض ان ندق مسماراً جديداً في نعشها بالرغم من كل معاناتنا”.
وقد ترجم الخلاف بالتزام بعض الادارات بالاضراب التام، ومنها مصلحة الاقتصاد، دائرة التنظيم المدني، النفوس، الاشغال، الصناعة، الزراعة، فيما حضر موظفو المالية، العمل، المنطقة التربوية والمحافظة إلى مكاتبهم وامتنعوا عن استقبال معاملات المواطنين. وفتحت أمانة السجل العقاري، دائرة المساحة، تعاونية موظفي الدولة، ومصلحة الصحة أبوابها أمام المواطنين لتسيير معاملاتهم ولم تمتنع الاخيرتان عن تلبية معاملات المواطنين الاستشفائية طيلة جائحة “كورونا” والاستثنائية منها، خلال تحركات الرابطة المطلبية ايماناً منهما بأن صحة المواطن هي أولوية، إضافة لمكاتب الأجهزة الأمنية الدائمة الجهوزية لتنفيذ مهماتها.
وعبّر عدد من الموظفين عن آرائهم، ووصفوا اوضاعهم بأنها “مزرية ولم يسبق لها مثيل”، بعضهم لم يعد قادراً على الوصول إلى عمله، بينما لا توجد وسائل نقل مشترك وهناك شحّ كبير في البنزين، وبدل النقل 8 آلاف لليوم لم يعد يكفي، وفي حين أن زيادة الرواتب أمر مستحيل، والبعض الآخر بدأ يفكر بالاستقالة والهجرة لان البحث عن عمل بديل معدوم في ظلّ البطالة واقفال المؤسسات”.
وخارج أسوار السراي الحكومي، أقفلت مصلحة تسجيل السيارات (النافعة) ابوابها التزاماً بالاضراب، ولم يحدث هذا الاقفال فرقاً كبيراً في يوميات العمل، إذ ان المصلحة “شبه معطّلة” بسبب اقفال مركز معاينة الميكانيك في الزهراني، بسبب الاضراب المفتوح الذي ينفّذه اتحاد النقل البري منذ نهاية نيسان الماضي، وانعكس ذلك شللاً في المعاملات، اذ لا يتم استيفاء رسوم الميكانيك السنوية قبل اجراء المعاينة، ويجري فقط دفع رسوم السيارات التي أجرت معاينة قبل الاضراب أو قبل الاقفال بسبب “كورونا” او للسيارات الاجنبية من دون لوحات لبنانية، او الاجنبية التي سجلت في العام 2021، ثم بيعت مجدّداً.