بري شغّل محركاته الحكومية… سقف زمني للحل وروسيا على الخط
أكثر من رسالة حملها استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقائد الجيش العماد جوزف عون في الاليزيه أمس ولعل أبرزها التنويه بدور الجيش اللبناني بالحفاظ على الامن والاستقرار وعدم الانحياز لاي جهة كانت ولتأكيد التزام فرنسا بمساعدة ماديا ولوجستيا ليتمكن من تجاوز الصعوبات والازمة التي يمر بها لبنان حاليا،ويقوم بالواجبات والمهمات المنوطة به.
في هذا الوقت، تتجه الأنظار الى عين التينة، حيث عادت محركات الرئيس نبيه بري الى العمل من أجل الخروج من الأزمة الحكومية بأسرع وقت ممكن، بعد أن وصلت كلمة السرّ من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الثلثاء الماضي في ذكرى عيد التحرير، والتي اعلن فيها ان ثمة طريقين لا ثالث لهما لتشكيل الحكومة، إما باتفاق الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على التشكيلة واما الاستعانة بمساعدة الرئيس بري.
قائد الجيش في باريس
اذاً، توّج قائد الجيش العماد جوزف عون اجتماعاته الباريسية مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون . وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية ان لقاء ماكرون بقائد الجيش الذي استغرق نصف ساعة هو لتأكيد دعم فرنسا للجيش اللبناني ودوره للحفاظ على سلامة واستقرار لبنان. وقال ان ماكرون حيّا مجدداً القوات العسكرية اللبنانية ودورها في الحفاظ على امن لبنان وسيادته ودعمها للشعب اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 وأبدى ماكرون استعداده للمساهمة لتعبئة شركاء فرنسا الأساسيين لدعم قوات الجيش اللبناني دون تحديد اطار هذا الدعم واذا كان سيكون بشكل مؤتمر. واكد ماكرون مجددا لضيفه اللبناني ان الأولوية تبقى لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات ضرورية للبنان.
وعلمت “النهار” من مصادر ديبلوماسية فرنسية وأوروبية ان العماد عون يسعى لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني الذي بات في حال معيشية متدهورة ويحتاج الى مساعدات سريعة للقيام بمهماته. فالدول التي اثار معها عون موضوع هذا المؤتمر منها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا مستعدة لمساعدته، ولكن شكل الاجتماع وما اذا كان سيعقد كمؤتمر دولي عبر الفيديو لم يتم تحديده بعد علما انه لو تم الاتفاق عليه يكون في حزيران.
بري والمسعى الحكومي
في هذا الوقت، أعاد الرئيس بري تشغيل محركاته الحكومية، بصمت كامل، الى حين عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، والتي من المتوقع أن تكون في الساعات المقبلة. هذه المبادرة المحصنة بدعم من بكركي غداة التقارب العلني والضمني الذي سجل بين بري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حول ضرورة القيام بمبادرة جديدة وعبر صيغة محدثة لتشكيلة حكومية، ستعمل على ايجاد مخرج لتجاوز الثلث المعطل من خلال الخلاف على وزيرين مسيحيين في صيغة الـ24 وزيرا المقترحة، وسيكون تعيينهما حاسما لجهة عدم ارتباطهما باي جهة بما يسقط أي استحواذ للعهد على الثلث المعطل.
وكشفت المصادر النقاب عن اتصالات بعيدة من الاعلام والاعلان جرت خلال اليومين الماضيين وتمحورت حول كيفية تجاوز الخلافات القائمة بين بعبدا وبيت الوسط والتحرك باتجاه تشكيل الحكومة .وقالت ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يتحرك في كل الاتجاهات ويتكتم على مضمون اتصالاته، مشيرة الى ان البحث الجدي بتذليل العقد سيبدأ الاسبوع المقبل وبسرعة، ويتركز خصوصا على عقدتي الداخلية والعدلية.
وحسب المعلومات، الرئيس بري سيحاول الآن تسويقَ مبادرته الحكومية القديمة – الجديدة، وتقوم على حكومة من 24 وزيراً لا ثلث معطّلا فيها لأي طرف، وسيسعى الى اقناع الرئيس المكلّف سعد الحريري بحمل تركيبة جديدة الى قصر بعبدا تتلاقى وهذه الشروط التي لا يرفضها الحريري مبدئيا، معزّزا جهوده هذه بما قاله البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظته الاحد الماضي، وان بري يبدو متفائلاً في مهمّته، بحسب المصادر.
وحول استعداد الحريري لتقديم تشكيلة جديدة من ٢٤ وزيرا اكتفت المصادر بالقول “نحن ليس لدينا مشكلة حيال هذه الصيغة لكن على قاعدة هل ان مثل هذه الصيغة لن تواجه العقبات نفسها التي واجهتها التشكيلة الاولى؟ فالتحدي الاساسي يبقى هل سيكون مصير تشكيلة الـ ٢٤ مثل التشكيلة التي قدمها الرئيس الحريري لرئيس الجمهورية ؟”.
واضافت المصادر “هناك قاعدةذهبيةلتاليف الحكومة لا يمكن نقضها: لا ثلث معطل باي شكل من الاشكال اكان صريحا ام مقنعا، وان تكون الحكومة من اختصاصيين غير حزبيين.”
في المقابل، قال مصدر نيابي بارز في التيار الوطني الحر الديار ان في ضوء التطورات والمواقف الاخيرة، في اشارة لموقف البطريرك الراعي الاخير، صار معلوما ان الكرة عند الرئيس الحريري ليتقدم بالتشكيلة الحكومية الكاملة لمناقشتها مع الرئيس عون وفقا للاصول الدستورية التي لا تحتمل التأويل لان النصوص الدستورية واضحة في هذا الموضوع”.
وردا على تحديد الرئيس بري اسبوعين لمحاولته الجديدة اجاب المصدر ان هذا الامر جيد ويتلاقى مع رغبة رئيس الجمهورية وتاكيده على حسم موضوع تأليف الحكومة، وان رسالته للمجلس النيابي هي خير دليل على ذلك.
روسيا على الخط الحكومي
في الموازاة، أعاد الروس تفعيل خطوط التواصل المباشر مع طرفي التشكيل، من خلال اللقاءين الذين عقدهما نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف مع كل من موفد رئيس الجمهورية ميشال عون، أمل أبو زيد، ومستشار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، بغية إيصال “رسالة واضحة من موسكو بضرورة تأليف حكومة إختصاصيين بأسرع وقت من دون ثلث معطّل لأحد لأنّ الوضع في لبنان لم يعد يحتمل التأجيل وكل عواصم القرار أصبحت تحذّر من إنفجار قادم في البلد إذا لم يتم إيجاد حلّ سياسي سريع”، وفق ما كشفت مصادر واسعة الاطلاع في موسكو لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنّ القيادة الروسية جددت التأكيد أمام الموفد العوني على أنه “لا بديل عن الحريري لتولي مهمة تشكيل الحكومة لأنه الأقدر على تأمين الدعم الخارجي لها”.
وفي المقابل، نقلت معلومات موثوق بها أنّ أبو زيد أبلغ المسؤول الروسي أن “التيار الوطني الحر” بات مقتنعاً باستمرار الحريري في مهمته، لكنه يطالب بإطلاق مبادرة روسية لإنهاء الفراغ الحكومي، فرفض بوغدانوف الفكرة مشدداً على أنّ بلاده لن تتدخل وتصاب بخيبة أمل مثلما حصل مع الجانب الفرنسي الذي حاول وجرى إفشاله. وعلى هذا الأساس كرر بوغدانوف مطالبة فريق الرئاسة الأولى بتسهيل قيام الحكومة برئاسة الحريري من دون أن يحصل أي فريق فيها على الثلث المعطل “وسواءً منحتموها الثقة أم لا، دعوها تعمل لإنقاذ البلد”، فما كان من أبو زيد إلا أن طمأنه إلى أنّ “الأمور تسير نحو الحلحلة وهناك شيء ما قد يحصل الأسبوع المقبل على مستوى حلّ بعض العقد المتبقية من خلال تكثيف حركة الإتصالات الداخلية لإحداث خرق في المشهد الحكومي”.
Lebanon 24