لودريان في بيروت: ضغوط وعقوبات… وباسيل يتصدّر!
كتبت أنديرا مطر في “القبس”:
قبل ثلاثة أشهر من الذكرى الأولى لتفجير مرفأ بيروت، تسعى باريس إلى استعادة زمام المبادرة عبر مواصلة الضغط على الطبقة السياسية اللبنانية. واستبقت فرنسا زيارة وزير خارجيتها جان إيف لودريان الى بيروت الأربعاء المقبل بالإعلان عن إجراءات عقابية بحق شخصيات لبنانية ضالعة في عرقلة تشكيل الحكومة أو في الفساد، وذلك من باب الضغط على القوى السياسية ودفعها الى الانخراط في تسوية توقف الانهيار اللبناني.
ويأتي التلويح بعصا العقوبات الفرنسية استكمالا لما اعلنه لودريان قبل نحو شهر بأن «أياما مصيرية تنتظر اللبنانيين»، وهي تعكس إصرارا فرنسيا على استثمار كل الفرص من اجل انقاذ لبنان. ويندرج عدم الإعلان عن الأسماء المستهدفة ولا نوعية الإجراءات في اطار منح القيادات اللبنانية فرصة أخيرة لإنقاذ بلادهم.
اعلامي فرنسي خبير بالشرق الأوسط كشف أن باريس ترمي من خلال الإجراءات الى ممارسة ضغوط قصوى على القيادات اللبنانية بعد فشل كل سياساتها خلال الأشهر السابقة، وكذلك إلى دفع شركائها الأوروبيين الى تبني مشروع العقوبات.
وعبّر المصدر عن خشيته من ان تكون العقوبات الفرنسية فصلا آخر من فشل السياسية الفرنسية حيال لبنان، متوقعا في حال عدم نجاحها في دفع القيادات اللبنانية الى التنازل عن شروطها، ان تكون طويت صفحة المبادرة الفرنسية نهائيا، موضحا ان تأثير مثل هذه الاجراءات في اللعبة السياسية اللبنانية سيكون محدودا وخجولا جدا، لاسيما انها أحادية، ولا تحظى بغطاء أوروبي جامع.
ومعروف ان «مشروع عقوبات» خاص بلبنان يحتاج لتبنيه أوروبيا إلى إجماع 27 دولة في الاتحاد الأوروبي وهو ما لن يتأمن في المرحلة المقبلة، وقد أعلن الممثل الهنغاري بوضوح ان بلاده لن تصوت على عقوبات، خصوصا ضد جبران باسيل.
ويؤكد المصدر الفرنسي ان ّ باريس لن تنشر لائحة المسؤولين اللبنانيين المستهدفين بهذه الإجراءات ولا نوعية العقوبات كنوع من استمهال الاطراف المشمولين لعلهم يبادرون إلى التنازل والتراجع عن شروطهم التي تعوق تشكيل الحكومة.
وتنطلق الإجراءات الفرنسية من معيارين: الفساد وعرقلة تشكيل الحكومة. وبما أن هذين المعيارين يشملان العديد من القادة اللبنانيين، وبما أن الفساد معيار موضوعي نسبيًا، فإن تحديد المعرقلين يبقى في اطار التقدير السياسي. وفق المصدر الاعلامي يتصدر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قائمة المسؤولين عن الانسداد الحالي، مشيرا في المقابل أن هذا النوع من العقوبات لن يجعله يتراجع بالضرورة، بل على العكس من ذلك، قد يزيد من تصلبه.
يتوافق هذا الكلام مع ما اعلنه باسيل من موسكو بأن سياسة العقوبات (غير المفيدة في أيّ مكان بالعالم) ستكون مضرّة جدّاً وستؤدّي إلى إبعاد لبنان عن أوروبا والغرب والأخذ به نحو الشرق.
في موازاة الضغوط الفرنسية المتواصلة، لا شيء يتقدم على مسار تشكيل الحكومة، فالمساعي التي قادها خلال الأيام الأخيرة البطريرك الماروني بشارة الراعي لم تصل الى خواتيمها، واللقاء الذي كان يعول الراعي على عقده بين باسيل والرئيس المكلف سعد الحريري جوبه برفض من الأخير على قاعدة عدم لقائه مع قوى سياسية باستثناء رئيس الجمهورية. علماً ان حزب الله المعتكف عن ابداء المواقف في الفترة الأخيرة عمل أيضا من اجل ترتيب لقاء بين الطرفين من دون ان ينجح.