لبنان

ماذا ينتظرنا في أيار: إنفراج أم أنفجار؟

لا يزال الوضع الحكومي على حاله. قلّة من المسؤولين مهتمّة بما يمكن أن تؤدي إليه حالة الفراغ في السلطة التنفيذية، وهي السلطة المعطاة مفاتيح الحل والربط بعد إتفاق الطائف. فمن خلال بعض المؤشرات يتضح للمراقبين أن لا أحد يبالي بما ستؤول إليه الأوضاع المهترئة في البلاد، والتي تزداد إهتراء مع كل طلعة شمس. لقد بحّ صوت الذين لا يزالون يناضلون ويكافحون لكي يبقى اللبنانيون قادرين على الوقوف على أرجلهم ومقاومة العواصف العاتية التي تهبّ عليهم من كل حدب وصوب، وهم يطالبون المسؤولين جميعًا من دون إستثناء بأن يتركوا خلافاتهم الشخصية ويتعالوا على مصالحهم الضيقة وينصرفوا إلى تشكيل حكومة هي الأساس في أي نقلة نوعية يُعّول عليها محليًا ودوليًا.

وقد يكون البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي من بين الذين لا يزالون يؤمنون بأن الحلّ لا بدّ آت، وأن لا خيار أمام المسؤولين سوى الإتفاق على تأليف حكومة إنقاذية، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وهو لا يزال يرفع الصوت عاليًا، سواء في عظات الأحد أو في أي مناسبة أخرى، مع إستمرار مساعيه، ولو بعيدًا عن الإعلام، والتي يصفها البعض بأنها الخرطوشة الأخيرة التي لا بدّ من أن تصيب الهدف، على رغم العراقيل التي توضع في وجه تلك المساعي. ولكن من يعرف البطريرك الراعي يؤكد إصراره وتصميمه على الوصول إلى الخواتيم المرّجوة، وهو لا يزال على تواصل غير منقطع مع الجميع من أجل إيجاد أرضية مشتركة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكّلف، الذي قد يزور بكركي في وقت قريب لوضع النقاط على حروف التشكيلة الحكومية.

وعلى رغم الحملات الكثيرة التي تستهدف الراعي، سواء في مواقفه الوطنية أو في حياته الشخصية، وقد بات معروفًا من يقف وراءها تحديدًا، فإن البطريرك الماروني الذي سبق أن تعرّض لمثل هذه الحملات في أكثر من محطة في مسيرته الوطنية، لا يزال يمدّ يده للجميع على حدّ سواء، وهو يحرص على أن يكون على مسافة واحدة من جميع المكونات السياسية، وبالأخصّ بين “بعبدا” و”بيت الوسط” لأنه يريد في النهاية أن يأكل ويأكل معه اللبنانيون العنب وليس قتل الناطور بالساطور، مع تمسّكه بمعادلة الجمع لا القسمة، إنطلاقًا من ثوابت قد أبلغها للجميع، وهي عدم تكريس مبدأ الغلبة لأي مكّون على حساب الآخرين، وهذا يعني أن لا ثلث معطلًا لأحد، وأن لا نصفًا زائدًا واحدًا لهذا الفريق أو ذاك الطرف.

ويُنقل عن الراعي تخوّفه من أن يسبق الإنفجار الكبير أي إنفراج قد يلوح في الأفق نتيجة تفعيل المبادرة الفرنسية من خلال الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان لبيروت في 6 أيار الجاري، إضافة إلى المعطيات المتوافرة عن المساعي الروسية، مع ما يتردّد عن إحتمال حلحلة معينة في أفق الإقليم، وبالأخصّ بين السعودية وإيران في ضوء محادثات فيينا.

24

مقالات ذات صلة