كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
لم يلقَ خُطاب قائد الجيش العماد جوزيف عون العالي النبرة منذ أسبوعين أيّ صدى في أروقة مكاتب ومراكز وقصور السياسيّين المعنيّين، وكأنّ هذه المؤسّسة الصامدة، بالرّغم من مختلف الازمات التي تعصف بلبنان، هي في آخر سلّم الاولويّات لدى دولتنا التي لا تتوانى عن التحذير من “الاخطار الامنيّة المحدقة”، ولكنّ جيش لبنان يخوض حرباً من نوع آخر، لتأمين لقمة عيشه.
يؤكّد العميد المتقاعد جورج نادر، لموقع mtv، أنّه “بعد التخفيض في ميزانيّة الجيش بنسب 40 في المئة في الغذاء و45 في المئة في المحروقات و90 في المئة في الذخيرة والتسليح، ومع استفحال الازمة الاقتصاديّة، بات الجيش في وضع صعب جدّاً”، سائلاً “كيف يتوجّب عليه أن يخضع للتدريبات لمواجهة الاخطار ولا ذخيرة لديه؟ وكيف يؤمّن الجندي كلفة معيشته وراتبه يساوي 100 دولار أميركي؟ وكيف يستر العنصر عائلته وراتبه لا يكفيه ليتنقل ويلتحق بمركز خدمته؟”.
ويضيف “القانون لا يسمح للعسكري بمزاولة أيّ عمل آخر، وهو للاسف بات يعيش في حالة من الفقر الشديد، لدرجة أنّه وصل بنا الامر الى أن نقبل حصصاً غذائية من فرنسا لاطعام جيشنا، فهل هذه هي المعنويات التي تريدونها لعناصر هذه المؤسسة؟”.
وأعرب العميد نادر عن رفضه المطلق لما أسماه “رشوة النائب علي حسن خليل التي، لو أقرّت، لكانت ستضع الجيش في مواجهة مع القطاع العام”. وتساءل: “هل من مؤامرة لترك الجيش يجوع ولاضعافه بهذه الطريقة؟”، داعياً المسؤولين الى “تدارك حقيقة الازمة التي نعيشها والتوقف عن تقاذف الاتهامات، والشّروع في معالجة الاوضاع وتأمين المناخ السياسي الذي يريح الجيش، لانّ إهماله قد يكلّف وطناً بأكمله”، على حدّ قوله.
وفي سيّاق منفصل، حذّر العميد نادر من “الانفجار المعيشي ومن الجوع الذي قد يُضاعف الحوادث الامنية التي تحصل يوميّاً”. وقال: “لا تستغربوا إن إزدادت عمليّات السّرقة والسّلب، فالجوع كافر، وللاسف بدلاً من أن يتحرّك الوزراء المعنيّون، يكتفون بإطلاق التحذيرات، فمن واجب مَن حماية الشّعب إذن؟”، معتبراً أنّنا “مقبلون للاسف على مرحلة سوداء إذا لم يتمّ النهوض بهذا الوطن”.
وفي مجال آخر، ردّ العميد نادر على خطاب أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصرالله الذي أشار الى وجود “ضعوط من سفارات على الجيش”، قائلا: “أنتَ آخر من يحقّ له الحديث عن ضغوط خارجيّة، فسلاحك وأوامرك إيرانية”، مستغرباً عدم دفاع “المسؤولين عن هذه المؤسسة التي تطالها الكثير من الاتهامات في الاونة الاخيرة”.
يعيش الجيش اللبناني أيّاماً صعبة جدّاً، هو الذي خاض أشرس المعارك وخرج منها مسطّراً إنتصارات رفعت معنويات شعب بأكمله، وها هو اليوم يُحرم من اللّحم في طعامه ومن الذخيرة في تدريباته، ولكن قبل أيّ شيء، الجندي هو مواطنٌ أيضاً، يُعاني ما يعانيه كلّ شاب وكلّ ربّ عائلة في هذا الوطن المحطّم.
يكفي أن نعيد ونكرّر سؤال قائد الجيش في خطابه التاريخي “الى أين نحن ذاهبون؟ ماذا تنوون أن تفعلوا؟”. فهل من مُجيب؟