“مغارة علي بابا الكهربائية” مفتوحة على مصراعيها… Lebanoff شعار المرحلة المقبلة
“فساد” هي الكلمة الوحيدة القادرة أن تكون أكثر من معبرة عن واقع وزارة الطاقة في لبنان. فبعد أكثر من ثلاثين سنة على انتهاء الحرب اللبنانية، لا يزال ملف الطاقة في لبنان من أكثر الملفات من دون حلول جذرية ، ولا يزال شعار الكهرباء 24/24 حلماً يتجدد مع كل مشروع انتخابي وكل خطة اصلاحية توضع في البلاد لتعود بعد وقت وتوضع في الأدراج تتآكلها الغبار وينسج العنكبوت بيته عليها.
تتشعب الاسباب التي تمنع اللبناني من الحصول على الكهرباء 24/24 بين سياسية وتقنية وادارية. ففي الملف الأول من المؤكد أن كل فريق سياسي استلم هذه الوزارة اعتبرها “وزارة مدهنة” لما فيها من صفقات وسمسرات تدر الملايين. لن نعود في الزمن الى أعوام سابقة لان التاريخ القريب جداً قادر على ايضاح ما نتكلم عنه. فوزارة الطاقة والمياه لا تعني فقط الكهرباء، بل أيضاً مشاريع السدود وجر المياه وهذه كلها محط تساؤلات في ضوء المناقصات التي جرت والواقع المبكي على الارض. الاّ ان ما يهمنا اليوم هو الكهرباء التي وُعدنا بها ولم نحصل عليها. وهنا رائحة الفساد ظاهرة للعلن ولكن أحداً لا يريد ان يشمها، من صفقة بواخر الطاقة التي رست منذ سنوات أمام الشاطىء اللبناني و”بدل ما تكحلا عمتها” ، الى المشاريع التي وضعت في الوزارة وبقيت حبراً على ورق، والى ما سواها…
اللبنانيون مهددون بالعتمة بعد 20 يوماً.. هذا ما كشفه غجر عن الكهرباء
البستاني رداً على الطبش: لو ما النكد السياسي كان صار في إصلاح بالكهرباء
ولكن لماذا هذا العجز الكبير في الوزارة وفي قطاع هو في المبدأ مربح، الاّ أنه في لبنان السبب الاساسي للعجز ، كي لا نقول السبب الاوحد.
تشير مصادر مطلعة الى ان السبب الاساسي للعجز في ملف كهرباء يعود الى عدم مراعاة تعرفة بيع الطاقة نسبة لتطور أسعار النفط العالمي بعد العام 1994 حيث بنيت هذه التعرفة على أساس 25 مليون دولار تقريباً لطن الفيول، والحد الأدنى للأجور. هذا فضلاً عن نوعية وزراء الطاقة و”نظافتهم” وجدية حضورهم والخطط “الخنفشارية” التي وضعت لتأمين الكهرباء، ومنها البواخر ومقدمي الخدمات لفترة انتقالية موقتة، والاستمرار بالتعاقد مع شركات خاصة لصيانة وتشغيل المعامل القديمة والقيام بمهام هي من صلب مهام المؤسسة ومسؤولياتها، والإنفاق على هذه العقود والمعامل القديمة بسخاء بالرغم من تراجع كفاءتها وارتفاع تكلفة صيانتها إلى مستويات قياسية.
ومن هنا يؤكد الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت مارك أيوب “ضرورة رفع السياسة يدها عن هذا القطاع وبشكل نهائي، لأن الجهات المانحة ومن سيعملون على الاستثمار في هذا القطاع يبحثون عن اصلاحات وتصور حكومي لهذا القطاع قبل الاستثمار فيه”، مشدداً في هذا الاطار، على” ان الاصلاحات تبدأ من تطبيق القانون وتعيين الهيئة الناظمة بعيداً عن المحاصصة والطائفية، إضافة الى تدعيمها وتحسين الكادر البشري فيها، ونقل الصلاحيات من الوزارة الى هذه الهيئة لا سيما ما يتعلق بنقل التراخيص والتعرفة والرؤية المستقبلية لهذا القطاع”.
الاّ أن ما نواجهه اليوم يتخطى الأزمة الكهربائية الى أزمة اعتمادات في ظل شحّ الدولار في لبنان، خصوصاً وان الشركات التي سيتم التعامل معها في تأمين الفيول بحاجة الى العملة الصعبة.
وبالتالي فان المطلوب اليوم، بحسب أيوب، “رؤية واضحة للقطاع الكهربائي للسنوات العشر المقبلة، ما يسمح له بالانخراط بالتحول في مجال الطاقة، والتوجه الى الطاقات البديلة والطاقات المستدامة، إضافة الى ضرورة وضع خطة لزيادة الجباية ورفع التعديات عن الشبكة، تحسين الوضع في مؤسسة كهرباء لبنان واعادة رسم خارطة الشراكة بينها وبين الوزارة، وبالتالي فان بعض هذه الأمور التقنية قد يكون كفيلا باعادة الربح الى هذه المؤسسة.
من المؤكد، وعلى مر السنين ان أحداً لا يريد الحل لهذا القطاع، وغالبية المعنيين مستفيدون من المولدات ومن الصفقات ، وبالتالي من الضروري ان يخرج هذا الملف من يد السلطة الحاكمة، وممن تحكم به في السنوات الماضية لأنه أثبت فشل مشروعه على الصعد كافة ، والاتجاه الى اعطاء الملف لجهات متخصصة قادرة على انقاذه. ولا شك أن تجربة كهرباء زحلة خير دليل على ان مشروع الكهرباء 24/24 ليس بحلم بعيد المنال اذا ما صدقت النيات.
lebanon24.