لا مجلس أعلى للكاثوليك إلّا بعد انتهاء العهد…
كتبت كريستال خوري في “أساس ميديا”:
لم يعد خافيًا أنّ البطريرك الكاثوليكي يوسف العبسي مستاءٌ من أحوال سياسيي الطائفة وفاعلياتها، لا سيما المنضوون تحت سقف المجلس الأعلى، بعد الخلافات التي عصفت بهؤلاء عشية انتخابات الهيئة التنفيذية للمجلس الذي يرأسه العبسي. ولمن اعتقد أنّ ما شهده الاجتماع الأخير للهيئة، من تهديد البطريرك “بالاستقالة”، ومن ثمّ رفعه الغطاء عن المجلس الأعلى، هو مجرد نوبة غضب سرعان ما ستهدأ لتعود الأمور إلى نصابها، ليحدّد رأس الكنيسة موعدًا جديدًا للاستحقاق الداخلي… فقد خاب ظنّه حين اطّلع على مضمون بيان اجتماع العبسي بالمطارنة الكاثوليك. ولو أنّه ترك مخرجًا لإعادة تصويب العمل ضمن المجلس الأعلى، لكن بعد حين.
وكما وعد البطريرك بالوقوف عند رأي المطارنة من تطوّرات المجلس الأعلى، التي يبدو أنّ كوب الخلافات حوله قد فاض عن حدّه، فقد التقى العبسي مطارنة الطائفة للتداول في شؤون المجلس، الذي يُفترض أنّ يعاون البطريرك في ما خصّ شؤون الطائفة غير اللاهوتية. وبالفعل، انتهى الاجتماع الذي ترأّسه العبسي، إلى بيان رأى البعض أنّه “حمّال أوجه”، تضّمن تنديد المجتمعين “بالحملات التي يشنها أعضاء المجلس (الأعلى) بعضهم على بعض، في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها”، مشيرين إلى “أنّ غبطة السيد البطريرك سيتابع النظر في موضوع المجلس الأعلى للطائفة مع أناس من هذا المجلس ومن خارجه، ومع مجلس أساقفة لبنان للروم الملكيين الكاثوليك، من أجل الخروج بمفهوم وصيغة للشراكة بين الرعاة الكنسيين وأبنائهم العلمانيين في لبنان، في ما يتعلق بالأمور الوطنية والاجتماعية والإنسانية، سواء انطلاقًا من المجلس الأعلى الحالي أو من خارج هذا المجلس، من أجل إنجاح هذه الشركة في الغاية المطلوبة منها”.
وفق المعلومات، فقد انقسمت آراء المطارنة إلى ثلاث فئات: فئة لا تزال متمسّكة بالمجلس الأعلى وتعتقد أنّ من الضروري إجراء الانتخابات بعد انتهاء التعبئة العامة، ليكون تعديل النظام الداخلي بندًا رئيسًا على جدول أعمال الهيئة التنفيذية الجديدة. وفئة ترى أنّ الاتفاق على التعديلات يجب أن يسبق الانتخابات. وفئة ثالثة متحمّسة لتعليق عمل المجلس برمّته.
وهذا يعني، وفق أعضاء “سابقين” في الهيئة التنفيذية، أنّ العبسي لن يتراجع عن خطوته الرفضية لسلوك أعضاء المجلس الاعلى، وهو سبق أن أبلغ كل من التقاهم قبيل الجلسة الشهيرة بنيّته الإقدام على قرار نوعي. إلّا أنّ أيًّا من المعنيين لم يصدّق أنّ البطريرك قد يفعلها ويحلّ هذه الهيئة.
وفي هذا السياق، يتردّد أنّ العبسي يفكّر في صيغة مختلفة كليًّا عن صيغة المجلس الأعلى لمساعدته على معالجة شؤون الطائفة، تقوم بشكل أساسي على تسمية لجان متخصصة بمهامّ محدّدة، لا رئيس فيها ولا مرؤوس، بل مجرّد مجموعات تتعاون في ما بينها لتقديم المشورة للعبسي، وتجتمع عند الحاجة، كما تصدر البيانات عند الحاجة أيضًا. ويتردّد أنّ اللجان التي يفكر البطريرك في تسميتها، هي لجنة سياسية تضم الوزراء والنواب الحاليين، ولجنة إعلامية، ولجنة تربوية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والبلديات.
إلّا أنّ ثمّة من يقرأ بين سطور بيان المطارنة كوّة مفتوحة على احتمال إعادة تفعيل المجلس الأعلى، بعد أن تهدأ العاصفة ومعها نفوس المعنيين. ولهذا يتمّ التفكير في لجنة مصغّرة من “علمانيين” ومطارنة تعمل على درس كلّ الاقتراحات الممكنة، سواء من خلال المجلس الأعلى بعد إعادة النظر بنظامه الداخلي، أو من خلال لجان رديفة متخصّصة.
ومع ذلك، هناك من يعتبر أنّ القنبلة التي ألقاها العبسي، كانت بتشجيع من الوزير السابق سليم جريصاتي، الذي أثار ترشيحه موجة اعتراضات كبيرة. وهو خاض المنافسة على قاعدة إما يتمّ انتخابه نائبًا للرئيس، أو فلتكن الفوضى في المجلس مدخلًا لتعطيله. وهذا ما حصل بنظرهم، خصوصًا أنّ انتصار جريصاتي في معركته الانتخابية لم يكن محسومًا أبدًا. ولهذا قد لا يستعيد المجلس روحه إلا بعد انقضاء عهد الرئيس ميشال عون، ومعه نفوذ جريصاتي.