“سيناريو” الانتخابات الرئاسيّة يتكرّر حكوميًّا؟
حول من “يحتجز الحكومة في جيبه”، دارت السجالات في الساعات الماضية، في آخر “مآثر” مسلسل “الفراغ” اللبنانيّ، الذي يبدو أنّ مواسمه مستمرّة إلى أجَلٍ غير مسمّى، ولو افتقد الحدّ الأدنى من عناصر “التشويق” المطلوبة عادةً في المسلسلات الموسميّة.
فبالنسبة إلى المحسوبين على رئيس الجمهورية ميشال عون، لا تزال المشكلة متركّزة في “شخصيّة” رئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري، الذي يقال من قبل العونيين أنه يصرّ على “احتجاز” الحكومة في جيبه، ويرفض الاعتذار عن استكمال مهمّته، للسماح لشخصيّةٍ أخرى يرضى عنها “العهد”، لتشكيل الحكومة الموعودة، في “مخطّطٍ واضحٍ” لشلّ “العهد”.
في المقابل، يردّ المحسوبون على رئيس الحكومة المكلَّف التهمة لمُطلقيها، مستندين إلى “مآثرهم” التاريخيّة في “التعطيل”، كما كان يحصل مثلاً حين كانت تُجمَّد حكوماتٌ عن بكرة أبيها “كرمى لعيون الصهر”، وأكثر من ذلك، كما حصل في مرحلة الانتخابات الرئاسيّة، يوم عُطّلت لسنتين ونصف السنة، حتى وافق الجميع على انتخاب عون.
حجْر التأليف… طويل!!
“حزب الله” ينأى بنفسه عن الحكومة؟!
التاريخ يعيد نفسه؟!
من محطّة الانتخابات الرئاسيّة، ينطلق تيار “المستقبل” في الحديث عن “هواجس مشروعة” خلف أسلوب “العهد” في التعاطي مع الرئيس الحريري، وصولاً إلى عرقلة مهمّته، والتعامل مع التشكيلة الوزاريّة التي قدّمها الأخير للرئيس عون، وكأنّها لم تكن، فقط لأنّها لم “تخضع لإملاءات” رئيس الجمهورية، ومن خلفه رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل.
ويقول المحسوبون على التيار “الأزرق” إنّ الفريق “العونيّ” يتعامل مع الملفّ الحكوميّ، تمامًا كما تعامل سابقًا مع الملفّ الرئاسيّ، يوم “احتجز” الاستحقاق بالكامل في جيبه، وحوّل “تعمّد” الغياب عن جلسات مجلس النواب المخصّصة لانتخاب رئيس، وبالتالي “تطيير النصاب” المطلوب لالتئامها، إلى “ظاهرةٍ ديمقراطيّة” غير مألوفة في تاريخ الديمقراطيّات، ولو أدّت إلى “فراغٍ رئاسيّ” دام أشهرًا طويلة، باسم “الدستور”.
واستنادًا إلى هذه التجربة، يخشى “المستقبل” أن يكون “التيار” يؤسّس على التجربة السابقة، التي نال في نهايتها ما أراد، بعدما وجد معظم الأفرقاء، وفي مقدّمهم الحريري، أنّ الموافقة على انتخاب عون “شرطٌ” لتحرير الانتخابات الرئاسية، لينال أيضًا ما يريده حكوميًّا، فإما “يعتذر” الحريري في نهاية المطاف، ويخلي الساحة للمرضيّ عنهم “عونيًّا”، أو يخضع لرغبات وأمنيات “العونيّين”، فيمنحهم ما يشاؤون في تشكيلته.
الظروف مختلفة
لكنّ ما كان ممكنًا في العام 2016 لن يكون واردًا في العام 2021، تقول الأوساط “المستقبليّة”، مشيرةً إلى أنّ الظروف الموضوعيّة والمحيطة مختلفةٌ بالمطلق، ولا تشبه تلك التي كانت سادت وقتها، كما أنّ الرئيس الحريري نفسه تغيّر، وهو لا يمكن أن يقبل بالشروط المفروضة عليه كما حصل سابقًا.
بالنسبة إلى هذه الأوساط، فإنّ تجربة الرئيس الحريري خلال السنوات الفائتة، وتحديدًا مع “العهد”، كافيةٌ وحدها لتغيير موقفه، فهو كان “شريكًا” كامل المواصفات لـ “العهد” على مدى أشهرٍ طويلة، من خلال “التسوية الرئاسيّة”، قبل أن يصبح “خصمًا شديدًا” له، بعد استقالته عقب الانتفاضة الشعبيّة في تشرين الأول 2019، وما أعقبها من تطورات دراماتيكيّة متسارعة.
أما الأكيد، وفقًا لهذه الأوساط، فيبقى في “حزم” الحريري الذي لن “يلين” على وقع الضغوط، هذه المرّة، أولاً لأنّه يدرك أنّ بقاءه رئيسًا مكلَّفًا إلى ما شاء الله، سيصيب “العهد” أولاً بالضرر، وثانيًا، لأنّه لن يرضى بأن يظهر بصورة “المتنازل”، ولعلّ أداءه بعد “الفيديو المسيء”، ورفضه الذهاب إلى بعبدا، كافٍ ووافٍ في هذا الإطار، وفق الرأي “المستقبليّ”.
يرفض “التيار الوطني الحر” كلّ ما يسوّقه “المستقبليّون” في هذا الإطار. ينفي أصلاً أن يكون “احتجز” الرئاسة، حتى يُتَّهَم بإعادة الكرّة حكوميًّا اليوم. يقول إنّ نوابه مارسوا، في انتخابات الرئاسة، حقّهم الديمقراطيّ المشروع، كما أنّ رئيس الجمهورية يتمسّك اليوم بحقوقه وصلاحيّاته الدستوريّة. وبين هذا وذاك، يكاد “الفراغ” يصبح مبرَّرًا ومشروعًا، بل “صلاحيّة دستوريّة”!.
lebanon24