لبنان

التحضير لمؤتمر حوار جديد.. مثالثة أم تقسيم أم فيدرالية؟

كتب منير الربيع في المدن”: جاء نفيُ الخارجيةِ الفرنسية المعلومات الأميركية عن تخزين حزب الله متفجرات في دول أوروبية عدة منها فرنسا، ليؤكد استمرار الفرنسيين في مغازلة إيران وحزبها في لبنان. وهذا يؤكد مجدداً أن باريس لن تتخلى عن مبادرتها.

دفن المبارة الفرنسية
قد تتغير المبادرة وتتعدل بعدُ، كما حصل أكثر من مرة تغيرت فيها الشروط وتبدلت. ولكن باريس لا يمكنها أن تنفض يديها من الأزمة اللبناني الراهنة. ولن يكون سهلاً على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التضحية برئيس حكومة كُلّف بطلب منه، والبحث عن شخصية أخرى. لكن السقف العالي الذي رفعه حزب الله، وضع المبادرة الفرنسية أمام خيارات ثلاثة: إما تأليف بشروطه، إما إطالة أمد التكليف، وإما اعتذار مصطفى أديب.
الاحتمالات الثلاثة تضرب المبادرة الفرنسية في صميمها. فالقبول بشروط الثنائي الشيعي أمامه عقبة أساسية، وهي شخصية رئيس الحكومة، الذي لم يختر على أساس قيام قوى حزبية باختيار وزرائها، والتدخل في عملية تشكيل الحكومة. وإذا اعتذر أديب، وعادت المفاوضات إلى البحث عن رئيس جديد للحكومة، ستنطلق المفاوضات معه من ما فرضه الثنائي الشيعي. فالأساس سيكون تغيير “بروفايل” هذا الرئيس.
في الأحوال جميعاً، دُفِنت روح المبادرة الفرنسية. فالإصرار الشيعي على وزارة المالية، يعني بلا لبس تكريس المثالثة والتوقيع الثالث. وعندما يتجه حزب الله إلى مثل هذا الخيار، يكون يستعد ويمهد لما هو آت مستقبلاً، ولا بد له من تحصين نفسه سياسياً ودستورياً.
الإجماع الشيعي المرصوص
ولدى التشدد حول مبدأ المداورة، جاء رد الثنائي الشيعي بأنه يريد مداورة في حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش، وحتى في الرئاسات. وهذا يحاكي ما كان طرحه المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان قبل أسابيع، وأعاد تأكيده قبل أيام، مشدداً على ضرورة أن يتضمن أي حوار لبناني مقبل، المتغيرات في موازين القوى اللبنانية.
أما طرح الرئيس بري الدولة المدنية، فمؤداه تكريس هذه القواعد الجديدة، اعتماداً على القوة الشعبية الشيعية المرصوصة عسكرياً وتنظيمياً وانتخابياً. أي تفوق الطائفة الشيعية تفوقاً كاسحاً، بإجماعها المرصوص، على المكونات الطائفية الأخرى في لبنان، فيما تستشري الانقسامات بين السنة والمسيحيين.

حوارات حول “لبنان جديد”؟
وإذا اعتذر أديب، يدخل لبنان في مجهول جديد، حتى ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية. وفي أشهر الانتظار المقبلة يُمرَّرُ الوقت بلقاءات وجلسات حوارية متتالية بين القوى اللبنانية، على طريقة مؤتمر سان كلو عام 2007.
في هذه الحوارات تطرح رؤى كثيرة حول “لبنان الجديد”. وثمة أوراق كثيرة أعدتها أطراف مختلفة، لا سيما بعض القوى المسيحية التي تعتبر أن فشل المبادرة الفرنسية في تشكيل حكومة، يستنفد الثقة بإخراج لبنان من المأزق، ويُسقط النظام اللبناني بكليته. لذا لا بد من البحث عن نظام بديل وصيغة جديدة. ويُطلق المسيحيون على هذه الصيغة حتى الآن، عنوان “اللامركزية المالية والإدارية الموسعة”. وهذا طرح يؤسس لمؤتمر تأسيسي جديد. وبدأ البحث فيه يُخرج نظريات كثيرة حول ضرورة التقسيم، أو رعايات خارجية لكل طائفة وفئة، مع تشكيل أقاليم إدارة ذاتية على أسس فدرالية.

انتظار ميزان جديد للقوى
يثبت هذا كله فشل اللبنانيين في بناء دولة مواطنة، سيراً على منوال سقوط تجربة الدولة الوطنية في المنطقة المجاورة، نحو مشروع إقامة جزر طائفية ومذهبية. وهذه لن تكون بعيدة عن السياقات التي دفعت إلى صفقة القرن.
حتى الآن لا يمكن الجزم بهذه الصيغة ونوعها وشكلها. فموازين القوى لم تتضح بعد في المنطقة. ما يعني أن التجاذبات سيطول زمنها، في انتظار رسو المعركة على نتائج سياسية واضحة تتحدد وفقها موازين القوى. وهي لن تبدأ بالتبلور قبل نتائج الانتخابات الأميركية، وما سيليها على خط العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.
المصدر: المدن

مقالات ذات صلة