اجتماع عون والحريري في بكركي.. أبعد من التأليف!
تحت عنوان: “اجتماع عون والحريري في بكركي أبعد من التأليف”، كتبت راكيل عتيّق في صحيفة “الجمهورية”: على رغم أنّ وساطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الحكومية هي موضِع تثمين لدى جهات عدة، إلّا أنّ اضطرار الراعي الى رعاية اجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري لاستكمال عملية التأليف المولجة دستورياً بهما حصراً، يدفع الى طرح أسئلة عدة أبعد من استئناف التأليف، بحسب جهات سياسية، كذلك أبعد من موعد إبصار الحكومة النور، إذ إنّ هذه سابقة في الحياة السياسية في لبنان.
تسأل جهات عدة: أي دستور يبقى وأي مؤسسات إذا كان إجراء هذه العملية الدستورية الواضحة يحتاج الى تدخُّل مرجعية دينية شخصياً مع الرجلين؟ ماذا لو حصل هذا الاجتماع ولم يؤتِ ثماراً؟ وماذا لو لم يلتزم أحدهما أي اتفاق؟ والأهم، ماذا بعد هذا الاجتماع، ولم تُستكمل الاجتماعات حتى استيلاد الحكومة، هل يستمرّ الراعي في رعاية هذه اللقاءات الى حين التأليف؟ وماذا بعد التأليف، هل سيرعى الراعي الخلافات على طاولة مجلس الوزراء، فيتوجّه كلّ من عون والحريري الى بكركي عند أي خلاف لحلّه بإشراف الراعي ومباركته؟ وبمعزل عن وساطة الراعي، يسأل البعض: إذا كان عون والحريري غير قادرين الآن على التشاور والاتفاق على صيغة حكومية، كيف ستكون اجتماعات مجلس الوزراء، وكيف سيُتفق على إجراء الاصلاحات واتخاذ أي قرارات؟
وفي العودة الى إقتراح الراعي على عون، عقد اجتماع بينه وبين الحريري في الصرح البطريركي في بكركي، فلم يكن رئيس الجمهورية على علم بهذا الطرح مسبقاً، بل تلقّاه من الراعي خلال زيارته الى بكركي أمس الأول. وفي الخلوة بينهما جرى عرض لمواضيع عدة، ومنها تأليف الحكومة، حيث عرض عون للراعي ملاحظاته على التأليف وروحية المعايير التي يتمسك بها، وهي: العدالة في توزيع الحقائب على الطوائف، مراعاة الاختصاص والمعايير الواحدة فيه. كذلك أشار عون، الى أنّ الحريري خرج من القصر الجمهوري بعد اللقاء الرابع عشر معه على أساس أن يجيبه لاحقاً على طروحات قدّمها، إلّا أنّ تسريبات فريق الحريري بدأت عن “وطاويط القصر” وغيرها من الاتهامات.
من جهته، قال الراعي لعون، إنّ لقاءاته بالحريري يجب أن تتواصل لكي يستمرّ مسار التأليف، فأجاب عون أن لا مشكلة لديه أبداً، ويُمكن الحريري القدوم وطرح ما يريده، خصوصاً أنّه سبق أن طرح على الحريري في لقائهما الأخير اقتراحاته ولم يجاوبه الحريري عليها بعد. عندها، سأل الراعي عون: «ما رأيك في أن تجتمعا هنا على مأدبة غداء أو عشاء؟»، فردّ عون: «ليس الاجتماع هو المهم في حدّ ذاته، بل نتيجته، فلا يجب أن يكون تكراراً للمواقف بلا أي نتيجة، بل أن تكون هناك رغبة فعلية في معالجة الموضوع لا أن توضع شروط وشروط مقابلة». وأضاف: «سأجري تقييماً للموضوع».
ولذلك، يُجري عون الآن تقييماً لاقتراح الراعي، خصوصاً أنّه لم يتبيّن بعد ما إذا كان الحريري مستعداً لإجتماع كهذا، فضلاً عن أنّ أبواب القصر الجمهوري مفتوحة له لاستكمال لقاءات التأليف. إلّا أنّ الفارق الذي قد يُحدثه هذا الاجتماع برعاية الراعي، هو أنّه قد يؤدي الى حلّ معضلة أساس في مشاورات التأليف، وهي الاتفاق على حقيبتي وزارتي العدل والداخلية، بعدها قد يكون حلّ بقية نقاط التأليف سهلاً.
ووفق مصادر تيار «المستقبل»، كان تمّ الاتفاق بين عون والحريري على أن تكون وزارة الدفاع من حصّة رئيس الجمهورية ووزارة العدل من حصة الحريري، على أن يتفقا على اسم الوزير الذي سيتولّى وزارة الداخلية بالتفاهم بينهما، إلّا أنّ عون طرح اسماً له ارتباطات بـ»التيار الوطني الحر» ويُعتبر «عونياً بالكامل» وهو عادل يمين.
ووفق مصادر القصر الجمهوري، طرح عون بدايةّ اسم ضابط متقاعد لتولي وزارة الداخلية، إلّا أنّ الحريري رفض توزير ضباط متقاعدين في المطلق، ثم أتى بإسم القاضي زياد أبو حيدر لتولّي هذه الوزارة وتمسّك به، على رغم أنّ هذا ليس خيار رئيس الجمهورية. وفي الاجتماع الأخير بينهما، قال عون للحريري الآتي: «طرحتُ اسماً لم تقبله وقدّمتَ اسماً لم أوافق عليه، لنقترح اسماً ثالثاً». وطرح عون اسم يمين، فرفضه الحريري، فيما هو ليس حزبياً وليس لديه مواقف حادّة وليس طرفاً، بل هو رجل قانون يؤخذ برأيه في القضايا القانونية ويتمتع بخبرة بحسب عون. لكن بعد رفض الحريري، قال له عون: «فليكن، لنبحث في اسم آخر»، إلّا أنّ «الحريري ذهب ولم يعد».
وفيما وساطة الراعي قائمة للدفع الى تأليف الحكومة، لا يوجد تواصل من الفرنسيين مع عون، بل إنّهم أرسلوا إشارات ديبلوماسية الى أنّهم يحبذون استئناف الاجتماعات بين عون والحريري، وأن يلتقيا ويتوصلا الى اتفاق للخروج بصيغة حكومية. وفي غضون ذلك، ما زال رئيس الجمهورية محافظاً على لاءاته الثلاثة حكومياً، وحاضراً للبحث مع الحريري في أي تفاصيل أخرى حين يقرّر الرئيس المكلّف.
أمّا لجهة الحريري، واستعداده للاجتماع بعون الى طاولة الراعي، فتؤكّد مصادر «المستقبل» أنّ الرئيس المكلّف منفتح على القيام بما يلزم لتأليف الحكومة وفق القواعد الأساسية التي وضعها، وهي حكومة من 18 وزيراً من الاختصاصيين المستقلين، بلا سيطرة أي طرف من الأطراف على الوزارات الأمنية وبلا ثلث معطل لأي فريق. وترى أنّ «ليس أكيداً أنّ هذا الاجتماع الثلاثي إذا عُقد سيؤدي الى نتيجة. فعملياً، إنّ الرغبات السلطوية لدى فريق عون لا حدود لها». وعن طريقة إتمام تأليف الحكومة بحسب الرئيس المكلّف، تقول المصادر نفسها: «كلّما اقترب عون من هذه القواعد كان انتاج الحكومة أسهل».