مؤتمرات وخطابات بالجملة.. مؤشّر سلبيّ؟!
تمتلئ الأجندة السياسية لعطلة نهاية الأسبوع بالخطابات والمؤتمرات، بين كلمةٍ للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله مساء اليوم، وأخرى لرئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، ظهر الأحد، ما ينذر بخروج البلاد أخيراً من جوّ “الإجازة” التي تزامنت مع الأعياد المجيدة.
وتأتي كلمة السيد نصر الله مساء اليوم بمثابة “بدل عن ضائع”، بعدما غاصت كلمته الأخيرة في ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، في الملفّات الاستراتيجيّة الكبرى، وخلت من إشاراتٍ واضحةٍ ربطاً بالملفّات والاستحقاقات الداخلية.
أما مؤتمر الوزير باسيل الذي تمّ الإعلان عنه منذ مطلع الأسبوع، فثمّة من يضعه في سياق “الإطلالات الدوريّة” للرجل، التي بات يخصّص لها موعداً شهرياً شبه ثابت، عند ظهر يوم الأحد، وسط “مخاوف” من أن تؤدّي كلمته إلى المزيد من “التأزيم”، على غرار بيان تكتل “لبنان القوي” قبل أيام.
لا مفاجآت؟
بالنسبة إلى كلمة السيد نصر الله، يستبعد المراقبون أن تحمل أيّ “مفاجآت نوعية”، خصوصاً على مستوى الملفّ الحكومي، الذي يتموضع فيه “حزب الله” في ما يشبه منطقة “الحياد” الرماديّة، فهو يدعم رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري من جهة، ويتمسّك بعلاقته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ويرفض الضغط عليه بالمُطلَق، من جهةٍ ثانية.
ويعتقد هؤلاء أنّ الأمين العام لـ “حزب الله” سيكرّر في كلمته المرتقبة، مواقفه الواضحة في هذا السياق، والتي سبق أن أطلقها في حديثه التلفزيونيّ الأخير عبر قناة “الميادين”، حين تحدّث عن “أزمة ثقة” تؤخّر ولادة الحكومة، وهو قد يدعو في هذا السياق إلى “تفعيل” التواصل بين الحريري وعون، ومن خلف الأخير الوزير باسيل، باعتبار ذلك “المَدخَل” الجدّي والحقيقيّ للمفاوضات الحكوميّة المنتظرة.
وثمّة من يرجّح أيضاً أن يؤكد السيد نصر الله انفتاح “حزب الله” على كلّ الأفكار والخيارات الحكوميّة، مع دعوة اللاعبين المعنيّين إلى إبداء المزيد من “المرونة والليونة”، علماً أنّه قد يثير، وفقاً لبعض المعلومات، الهواجس التي عبّر عنها بعض حلفائه في الأيام الأخيرة، ولو أنّ مقرّبين منه يجزمون بأنّه غير مستعدّ لتكرار تجربته مع “اللقاء التشاوري”، التي وضعته في “قفص اتهام” التعطيل والعرقلة في التجارب الحكوميّة السابقة.
“تصعيد” جديد؟!
وإذا كانت “المفاجآت”، على خط الحكومة، مُستبعَدة من خطاب السيد نصر الله المرتقب مساء اليوم، فإنّها أكثر من متوقَّعة في كلمة الوزير جبران باسيل المرتقبة الأحد، لكون خطابات الرجل باتت في الآونة الأخيرة، عنواناً لـ “الاستفزاز”، وسط مخاوف مشروعة ربما، من أن تؤدي للمزيد من التأزيم في الواقع السياسيّ المتشنّج أصلاً.
وإذا كان باسيل استعاد أجواء “الحملة” على الحريري قبل أيام، من خلال بيان تكتل “لبنان القوي” الذي توّجه إليه بلغةٍ خشبيّة قاسية، محمّلاً إياه مسؤولية التأخير في تأليف الحكومة، ما استتبع ردّاً أكثر قساوة من الحريري إزاء باسيل، من دون تسميته، فإنّ ثمّة من يعتقد أنّ كلمة باسيل ستستكمل ما بدأه عبر تكتّله النيابيّ.
وفي هذا السياق، ثمّة من يخشى أن يعيد باسيل تحريك “الشحن الطائفي” في مؤتمره المرتقب، خصوصاً في ضوء ما تؤكده أوساط سياسية من أنّه بات مقتنعاً أن لا “انفراجة” للملفّ الحكوميّ سوى بـ “اعتذار” الحريري، وهو قد يؤكد في هذا السياق على ضرورة الذهاب لتعديل الدستور، من أجل “تقييد” رئيس الحكومة المكلّف بمهلةٍ محدّدة، إما يؤلّف الحكومة خلالها، أو ينسحب، وفق ما نصّ اقتراح القانون الذي تقدّم به قبل أسابيع.
يقال إنّ “في الحركة بركة”، لكنّ الأمر لا يسري بالضرورة على كثرة الكلمات والمؤتمرات، التي قد تكون على النقيض من ذلك، مؤشّراً سلبياً، ودليلاً على غياب الحركة والبركة في آن واحد، خصوصاً إذا ما تضمّنت في طريقها “ألغاماً” من شأنها إلهاء الرأي العام، ولكن قبل ذلك، أخذ البلاد إلى مواجهاتٍ لا تغني ولا تسمن من جوع…