سطور الوداع: النعوش ستُسقط العروش
كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
هذه السطور ليست سطور غضب. لقد تجاوزنا مرحلة الغضب ودخلنا الأيّام التي سنقول فيها للرئاسات الخشبيّة والزعامات الورقيّة والحصانات الكرتونيّة: “وداعاً”، لأنّ نعوش الشهداء رُفعت في 13 تموز 2021 على الأكفّ أمام منزل وزير في قريطم، وعندما تُرفَع هذه في لبنان، إعلموا جيّداً أنّ “النعوش ستُسقط العروش”.
هناك زمنٌ انتهى وذهب إلى أفول من دون عودة في لبنان. زمنٌ سيدفنه يوم 4 آب 2021 عندما ستُرفَع صور المتهّمين في تفجير العصر في مرفأ بيروت أمام أعين ملايين اللبنانيين وغير اللبنانيين في لبنان والخارج، وأمام الإعلام الدوليّ، العربيّ والغربيّ الذي سينقل للعالم “جنازة” سلطة فيها من الحقارة والفجور والوقاحة أن ترفض إسقاط الحصانات عن النواب والمسؤولين الأمنيين، وتضغط بكلّ ما فيها من قوّة، وبكلّ ما تملك من قدرات قمعيّة، على نقابتَي المحامين لعدم إعطاء الإذن بالملاحقة بشكل فوريّ بعد طلب المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
هذا كلّه في كمّ، وفي كمّ آخر رئاسة ترفض حتّى اليوم لقاء ممثّلين عن أهالي شهداء الإنفجار ولا تُصدر بياناً واحداً تدعم فيه خطوات المحقّق العدليّ من ضمن البيانات والردود السياسية التي تُمطر بها علينا “يوم إي يوم لأ”.
أمّا عن المجموعة التي “جمعتها المصيبة” والتفّت حول بعضها كي تحمي نفسَها، لا كي تحمي موقع رئاسة الحكومة ولا حسان دياب الذي رُمِيَ في النار، فلقد أنهَت نفسها عندما احتمت بحصانة طائفيّة وكفّت يد محقّق عدليّ جريء إسمه فادي صوّان ركّبوا له خطأً قانونياً مفبركاً لم يرتكبه.
انتهيتم بالضربة القاضية عندما توقفون العناصر الأمنية وترمون القنابل المسيّلة للدموع في مواجهة أهالي شهداء عُزَّل يُريدون باللحم الحيّ انتزاع عدالة مسروقة من طاقم يتصرّف كالعصابة الهاربة عن أعيُن البشر.
أمّا بعد، “وداعاً” لنوّاب لن يعودوا إلى الأماكن العامّة في القريب العاجل، وإلى وزراء ارتضوا أن يكونوا إستشهاديين في حكومة إنتحاريّة، وعاجزين عن لقاء الناس ومقابلتهم بسبب أدائهم المستفزّ وأخطائهم المدمّرة. و”وداعاً” إلى “نجوم” لن تُضيء كثيراً بعد اليوم في إطلالاتها المباشرة ومقابلاتها التلفزيونية المعهودة وخطاباتها على منابر الوعود الكاذبة والشعارات الوهميّة والملغومة.
في 13 تموز، رُفعت النعوش أمام منزل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي. وفي 4 آب، الآتي على عجل، والذي تُمارَس على منظّميه ما لا يوصَف من الضغوطات اليوميّة لإفشاله، ستُرفع عبارة “المجرمون” وستُرفَع صورهم. وقبل هذا التاريخ، وبعده، هناك مَن هاجر ومَن سيهاجر “هرباً” مع عائلته، وهناك مَن سيغيب بلا رجعة، وهناك مَن سيستقيل وهناك مَن سيعتكف… وهناك مَن سيصعد ليقول لنفسه وللجميع “وداعاً”. إنّه الآتي، الآتي على عجل.