بالاسم هذا هو المصرفٌ الذي يحوّل من “اللبناني إلى الدولار” على سعر 1515
تعتمد المصارف أساليب كثيرة جاذبة للأموال “الكاش”، إن بالليرة أو بالدولار، لأسباب تختلف بين مصرف وآخر، لاسيما أن أي من المصارف لم ينجُ من الضغوط ونقص السيولة. لكن أن تبيع المصارف أموال زبائن لها لزبائن آخرين، وتجني منها أرباحاً، أو أن تدخل المصارف السوق السوداء بشكل واضح وعلني وبكل وقاحة، فتبيع دولارات مودعيها لمودعين جدد وبأسعار السوق السوداء، فهذا ما لا يقبله العقل.
مصرف الشنطة
وهذا ما يجري أمام أعين لجنة الرقابة على المصارف، التي إن كانت على علم بممارسات المصارف ولم تتحرك لتمنعها، فتلك مصيبة وإن لم تكن على علم بذلك فالمصيبة أكبر.
إليكم عروض وجّهها فيرست ناشيونال بنك FNB في رسالة خاصة عبر البريد الإلكتروني إلى طاقم موظفيه، وأخرى وجهها لعملائه. وتتجلى في الرسالة بوضوح ممارسات المصرف وعمله في السوق السوداء، بما لا يختلف على الإطلاق عن ممارسات صرافي وتجار الشنطة من المضاربين والمتلاعبين بالعملة.
عرض أول
يعرض فيرست ناشيونال بنك FNB على موظفيه شراء الدولار الكاش من البنك وفق سعر صرف 7800 ليرة للدولار، أي بسعر يبلغ ضعفي سعر الدولار المحدّد بالمنصة الإلكترونية لمصرف لبنان، ومتقارب مع سعر الدولار في السوق السوداء، البالغ نحو 8250 ليرة حالياً. ويحدد المصرف العرض لموظفيه بما لا يزيد عن 1500 دولار.
وحسب العرض يُلزم المصرف الموظفين بأن يسددوا ثمن الدولار بالليرة نقداً كي يحصلوا على الدولار نقداً، على أن يتم تجميد الدولارات المشتراة حتى شهر تموز 2021 وبفائدة 1 في المئة، من دون ترتيب أي عمولات على العملية. وبذلك يكون المصرف قد حصل على الليرات نقداً واحتفظ بالدولارات، وبالتالي عزّز سيولته لأشهر من دون أي ضمانات تثبت قدرته على إعادتها بعد هذا التاريخ.
عرض ثانٍ
عرض آخر تقدّم به المصرف نفسه لزبائنه وعملائه من دون استثناء. قوام العرض إبرام صفقات خاصة تستهدف تعزيز سيولة المصرف وتحقيق مكاسب للزبائن بحسب ما يروّج المصرف.
خلاصة العرض شراء الدولارات من المصرف بالليرة نقداً، على أن يتم تجميد الدولارات لمدة محدّدة. وفي تفاصيل العرض أن أي مبلغ يقل عن 100 مليون ليرة لبنانية نقدًا، يقوم البنك بتحويله إلى عملة الدولار الأمريكي بسعر الصرف الرسمي البالغ 1520 ليرة للدولار وبعمولة تبلغ نسبة 1 في المئة فقط، ويتم تجميد المبلغ المحوّل من الليرة إلى الدولار الأمريكي لمدة 13 شهراً بسعر فائدة 0 في المئة.
وعلى سبيل المثال يتم إيداع مبلغ نقدي بالليرة اللبنانية بقيمة 50 مليون ليرة، يتم تحويله إلى دولار أمريكي وفق سعر صرف 1520 ليرة بما يعادل 32.895 دولاراً. وبعد احتساب العمولة (329 دولار) يصبح المبلغ المتبقي بالدولار الأمريكي 32.566 دولاراً.
ويلفت المصرف في إعلانه إلى أنه يتم تطبيق معدل فائدة ائتماني قدره 3 في المئة على المبلغ المودع بالليرة اللبنانية حتى يتم تحويله إلى الدولار الأمريكي بعد الحصول على الموافقة.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن المصرف يمارس وبكل وضوح عمل السوق السوداء: يشتري الليرة من موظفيه (وفق العرض الأول) مقابل دولارات غير موجودة أو بالأصح هو لا يملكها، بمعنى أنه يبيع دولارات الزبائن التي يحتجزها عليهم لزبائن آخرين مقابل شراء الليرة نقداً.
أضف إلى ذلك أن المصرف بهذه الحالة يشتري الدولارات التي يحتجزها على زبائنه ومودعيه، وفق سعر صرف المنصة الإلكترونية، أي 3900 ليرة للدولار، في حين أنه يبيعها بضعفي السعر المذكور، أي بـ7800 ليرة للدولار لزبائن جدد، علماً أنه يبقيها لديه بذريعة تجميدها لأشهر.
مصرف سوق سوداء
ووفق مصدر مصرفي في حديث إلى “المدن” فإن فيرست ناشيونال بنك FNB بهذه الحالة يقوم ببيع دولارات لا يملكها، وهي فعلياً غير موجودة، ويرى أن إعلان المصرف بحد ذاته غير قانوني. فهواعتراف واضح بممارسة أعمال السوق السوداء، إذ لا يجب على المصارف التعامل بالدولار سوى وفق سعره الرسمي والمحدد من مصرف لبنان بنحو 1507 ليرات.
ولو كان لدينا لجنة رقابة على المصارف فعلياً، لكان عليها إغلاق FNB فوراً، لأن ما يفعله لا يقل عن “دعارة مصرفية بحقوق الناس وودائعها”. وعلى لجنة الرقابة على المصارف مواجهة وضبط السوق السوداء بين المصارف، قبل التصدي للسوق السوداء بين الصرافين والتجار والمضاربين.