التدقيق الجنائي وتفجير المرفأ وقانون الانتخابات: مقايضات الانهيار
كتب منير الربيع في “المدن”:
تتشعب القضايا الخلافية وتتراكم بين القوى السياسية اللبنانية. ويشير مسار الخلافات إلى احتمال مزيد من الصدامات والترهل والانهيار الاقتصادي، الذي قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي أصبح غير بعيد.
المعارك أو تسالي السياسيين
تتلهى القوى السياسية في افتعال المعارك، منتقلة من معركة إلى أخرى. وكل منها لا هدف لها سوى التغطية على الأخرى، والهروب إلى الأمام.
فرئيس مجلس النواب، نبيه برّي، لن يكتفي بفتح معركة قانون الانتخابات النيابية. بل يريد تمرير الجلسة التشريعية للبحث في رسالة رئيس الجمهورية حول التدقيق الجنائي. وسيكون الأسبوع المقبل حافلاً بالمعارك السياسية المتجددة، على خلفية تفجير المرفأ، ورسالة المحقق العدلي القاضي، فادي صوان، إلى مجلس النواب بضرورة التحقيق مع وزراء حاليين وسابقين، في مسألة علمهم بتخزين مادة نيترات الأمونيوم في المرفأ.
وفي متن الرسالة الكثير من الأخطاء والتجاوزات، وفق اعتقاد معنيين بهذا الملف. وعبّر برّي عن ذلك بسؤاله عن مدى حرص القاضي صوان على الفصل بين السلطات، في إشارة منه إلى أن الرسالة تضربها، وتفسح المجال أمام التدخلات السياسية.
وتشير المعلومات إلى أن جانباً من الردود التي تحضر للأسبوع المقبل، مرتبطة بسؤال القاضي صوان عن سبب إزالته أسماء رؤساء الحكومات السابقين، تمام سلام، نجيب ميقاتي وسعد الحريري من رسالته. مع الإشارة إلى أنه استمع إلى إفادة حسان دياب في السرايا الحكومية قبل مدة.
توازنات إخفاء الجريمة
وإلى عدم استجوابه رؤساء الحكومة السابقين، سيوجه إلى صوان سؤالاً عن سبب طلبه الاستماع إلى إفادات وزراء الأشغال والعدل والمالية السابقين. ومن بين الردود عليه أن غازي العريضي الذي يطلب صوان الاستماع إلى إفادته، كان مستقيلاً عند دخول الباخرة إلى لبنان، واتخاذ قرار إبقائها وإفراغ حمولتها في العنبر الذي انفجر.
وسيكون العنوان الأساسي للمعركة، أن صوان تلقى رسالة ونصائح من جهات متعددة بوجوب سحبه أسماء رؤساء الحكومة السابقين، لأنه سيكون مضطراً عندها إلى طلب الاستماع إلى إفادة رئيس الجمهورية. فهو كغيره كان على علم بخطورة العنبر رقم 12، وتلقى رسالة من الأجهزة الأمنية حول الأمر. ولكن لتجنب استجواب الرئيس عون، أزيلت أسماء رؤساء الحكومة.
ملفات للمقايضة
إنها معارك سياسية فولكلورية جديدة سيشهد عليها اللبنانيون، الباحثون عن توفير أدنى مقومات الصمود والبقاء، فيما قواهم وزعماؤهم السياسيون يتسلون تفتح الملفات وإخفائها، لتعزيز أوراقهم التفاوضية في الصراع على الحصص والمكاسب. فهم يفتحون ملفاً ويغلقون آخر، في مقابل تقايضهم التوزير في الحكومة المرتقبة.
وللتدقيق الجنائي حصته من هذه الملفات – المقايضات. فالمعركة حوله تتناول ضرورة إجرائه منذ العام 1988. أي منذ وصول ميشال عون على رأس الحكومة العسكرية، وانقسام الحكم في لبنان إلى حكومتين، لا أن يبدأ فقط منذ العام 1990 أو 1992. في مقابل هذا الملف – المعركة، هناك ملف – معركة قانون الانتخاب، وتفجير المرفأ، والتحقيقات في شأنه.
وهذه الصراعات الملفات – المعارك لا تشير إلا إلى خلاصة واحدة: لبنان إلى مزيد من الانهيار والترهل والاهتراء المؤسساتي، بلا أي اتجاه جدّي للإنقاذ.
وهذا فيما تبحث الدول عن أي ثغرة تتمكن عبرها من توفير بعض الاحتياجات الأساسية للبنانيين المهددين بفقر مدقع.
وآخر تلك المبادرات هي الاجتماع الدولي الذي دعت إليه فرنسا في الثاني من كانون الأول المقبل، للبحث في توفير مساعدات إنسانية للشعب اللبناني لحمايته من الجوع. وهو مؤتمر غير مخصص للبحث في توفير مساعدات اقتصادية تنعش الاقتصاد اللبناني وتمكنه من التعافي.