خروج Alvarez يؤذن بقرب الانهيار الكبير؟
جاء في “المركزية”:
ليس من الصعب اجراء عملية فرز بين لائحتين من السياسيين من اهل السلطة واركان الأكثرية النيابية. واحدة ستحتفل بخروج “الفاريس اند مارسال” من المهمة التي كلفت بها لإجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وانسحابها بقرار من طرف واحد، وتلك التي ستستهجن ما جرى. وبمعزل عن الفشل في عقد اجتماع دعا اليه رئيس الجمهورية في بعبدا من اجل البحث في الظروف التي قادت الشركة الى الانسحاب من المهمة بحضور ممثلين عنها فإن ذلك عزز من عملية الفرز المقنعة التي حكمت المناقشات حول الملف في الكواليس السياسية والمالية وباتت الصورة اوضح.
فليس صحيحا بحسب مراجع سياسية ومالية مطلعة عبر “المركزية” ان الفرز بني على الشروط القانونية التي حالت دون انطلاق العملية والذي ترجم في الجدل الذي قام بين حاكمية مصرف لبنان والمساندين لها من جهة ورئاسة الجمهورية ووزارة العدل والمؤيدين لهما من جهة ثانية، ذلك ان التوصل الى نقاط مشتركة لم يكن صعبا لو تجاوب المجلس النيابي ورئيسه ومعه وزير المال ولجنة المال والموازنة النيابية باجراء التعديلات المطلوبة على بعض مواد قانوني السرية المصرفية والنقد والتسليف. وكان ذلك ممكنا بدلا من المواجهة التي شهدها المجلس في اعادة احتساب خسائر المصرف المركزي في مواجهة الخطة الحكومية التي قالت بافلاس كامل للبنك المركزي والقطاع المصرفي.
على كل حال، تعترف الاوساط العليمة بان بلوغ مرحلة التدقيق كان شبه مستحيل. فكل الطرق المؤدية اليه كانت مقفلة منذ ان بدأ البحث باعتماد شركة “كرول” واستبدالها لاحقا بألفاريس، فالحسابات السياسية كانت اقوى من المالية والمتضررون اكثر بكثير من الباحثين بطرق فاشلة عن المال المنهوب والموهوب. فقد كان واضحا ان البدء بالتدقيق من اي مكان من مؤسسات الدولة والمجالس والصناديق قبل المصرف المركزي، اكثر جدوى وابرزها لو اعتمدت كخطوة اولى انطلاقا من الحسابات المالية العامة والحساب الخاص بها صاحب الرقم 36 في مصرف لبنان ولكن العملية كانت يجب ان تجري على القطعة وليس بشكل شامل.
وتضيف المراجع انه لو كان هناك توافق شامل على الخطوة بدلا من وضعها في حسابات الكيدية والنكد السياسي كما تم تصويرها، لانطلقت العملية من اي مكان من كل محطات الانطلاق ما يؤدي الى النهايات المطلوبة بحثا عن المال المنهوب والموهوب وان كان مصرف لبنان النبع الاساسي لكل الحسابات المصرفية والعمومية كما الحسابات الشخصية للافراد والمجموعات التي يمكن ان يستهدفها التدقيق والنتائج المترتبة عليه على كل المستويات المالية والسياسية.
على هذه الخلفيات، يبدو واضحا ان مغادرة “الفاريس” لبنان لم تكن خطوة مستغربة من معظم المراقبين لما يجري في مقاربة الملف المالي من جوانبه القانونية قبل النقدية. وفي الوقت الذي يضحك البعض في سره مما آلت اليه نهاية عملية التدقيق الجنائي فقد حاول بعض من طرفي المواجهة ان يسجل استغرابه للنهاية التي الت اليها العملية في مسعى لرفع المسؤولية عنه في ما هم جميعهم تقريبا متورطون بكل ما جرى. فالكثير من الحقائق التي يتجاهلها الطرفان إما صمتا من مستفيد او انه نجاح لمرشد قال ان احدا لم يسمعه في ما يمكن اعتبار آخرين انهم تعرضوا للضغوط ترهيبا او ترغيبا وهي كلها من عناصر الجريمة المرتكبة.
والى هذه المعطيات، فقد تبارى خلال الأشهر الأخيرة الخبراء ورجال القانون والدستور في تقديم الاستشارات المؤيدة لهذه الخطوة وتلك في آن معا وهو ما يثبت ان الجريمة ارتكبت بفعل عدد المشتركين فيها وقدرتهم على التلاعب باعصاب الناس ومدخراتهم التي ضاعت في الطريق التي مشاها اللبنانيون بين الفيلة.
وختاما، لا تجد المراجع المعنية اي تفسير لما جرى سوى ان المواجهة المفتوحة على الساحة اللبنانية متشابكة ومترابطة بين البحث في التدقيق الجنائي وعملية تشكيل الحكومة الى مصير الاجراءات المطلوبة لضبط المعابر ووقف كل اشكال التهريب منعا للوصول الى مرحلة الاصلاحات المطلوبة وهو ما يسرع انزلاق البلاد الى مزيد من التدهور في كل المجالات، وما على اللبنانيين سوى ترقب الاسوأ إن بقيت ادوات الحكم في ايدي من يمسكون بها اليوم فهم متكافلون ومتضامنون لحماية مصالحهم مهما بلغت حال الانهيار المتوقعة في الاسابيع المقبلة ولو كان كبيرا ومخيفا لم يتوقعه احد من قبل. ولذلك باتت هموم ومطالب الناس ومصالح غالبية اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق في نهاية سلم الاولويات.