كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
لم يؤدِّ قرار المجلس النيابي اللبناني بتمديد ولاية العماد جوزيف عون عاماً كاملاً في قيادة الجيش إلى أي تحريك جدي لملف الانتخابات الرئاسية في ظل إصرار «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) على الفصل بين مساري التمديد ورئاسة الجمهورية وتأكيده تمسكه بمرشحه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وكانت اللجنة الخماسية الدولية المعنية بالشأن اللبناني اتفقت على وجوب التمديد لعون لتفادي أي اهتزاز في المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. فيما تفاهمت قوى المعارضة، ومعها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على ضرورة تأجيل تسريح عون، كما لم يمانع «حزب الله» ذلك إلا أنه راعى شكلياً خاطر حليفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، المعترض الأساسي على التمديد، بعدم تصويته لصالح اقتراح القانون.
ويحتاج انتخاب جوزيف عون رئيساً تعديلاً دستورياً لا يمر إلا بحضور وتصويت 86 نائباً. وحضر الجلسة التشريعية، الجمعة، التي أدت لتمديد ولايته، نحو 70 نائباً، باعتبار أن قسماً من النواب يُعارض التشريع بغياب رئيس للجمهورية. وقد صوّت معظم من حضروا لصالح تأجيل التشريع.
وتقول مصادر «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط» إن «ما سرى على التمديد لا يسري على الرئاسة، باعتبار أن حركة (أمل) و(حزب الله) لا يزالان متمسكين بمرشحهما فرنجية»، لافتة إلى أن «تصويت كتلة الرئيس بري لصالح التمديد لعون لا يعني أنها ستصوت لصالحه في أي جلسة رئاسية، وفق المعطيات والظروف الراهنة».
عدّ عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني أن «ما حصل بملف التمديد غير مرتبط بملف الرئاسة، باعتبار أن الأساس بموقفنا الداعم لبقاء العماد عون في موقعه كان الحفاظ على استقرار المؤسسة العسكرية وعدم وضعها في موقع تصريف الأعمال في الظروف الاستثنائية التي نمر بها، إلا أن ذلك لا يعني أن رئاسة الجمهورية بالنسبة إلينا لا تبقى هي المعركة الأساسية والأهم».
ولفت حاصباني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «عند التصويت على اقتراح القانون كان هناك نحو 72 نائباً في القاعة العامة، غالبيتهم صوتوا لصالح التمديد، فيما اعترض 3 أو 4 ولكن لا يمكن الاتكاء على هذه الأرقام للحديث عن بوانتاج رئاسي، لأن عدداً من النواب التغييرين والمستقلين لم يشاركوا في الجلسة لرفضهم التشريع بغياب رئيس، وبالتالي فالأرقام والأعداد لا يمكن ترجمتها رئاسياً». ويضيف: «البعض يعتبر أن ما حصل يعزز حظوظ العماد عون بالسباق الرئاسي. أما البعض الآخر فيراه يهدد مخططاته، ما قد يدفعه لمزيد من العرقلة. لكن الأكيد أن ما شهدناه يدل عن ثقة واسعة بالجيش وقائده».
وعن إمكانية تبني قوى المعارضة ترشيح شخص، قال حاصباني: «القضية ليست قضية تسمية مرشحين، باعتبار أننا سمينا أولا النائب ميشال معوض، وعدنا وتقاطعنا على اسم الوزير السابق جهاد أزعور. نحن بالنهاية لسنا هواة طرح أسماء يرفضها الفريق الآخر. عندما نشعر أن هناك حقيقة جدية في مقاربة الملف والنية بدعوة لجلسة مفتوحة لانتخاب رئيس عندها سيكون لنا مرشحنا».
أما عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير فعبّر عن أمله في أن «يعزز قرار التمديد حظوظ التوافق الرئاسية على اسم مرشح توافقي يلبي المواصفات المطلوبة لهذه المرحلة»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما انطوى عليه قرار التمديد من ثقة متجددة بالقادة الأمنيين والعسكريين، ومن ضمنهم العماد جوزيف عون، يعبر أيضاً عن ثقة بشخصه وقيادته وما يحمله من مواصفات رئاسية ووطنية كانت السبب وراء الهجوم عليه من قوى سياسية كانت تسعى لإخراجه من السباق الرئاسي ولم تفلح».
ورداً على سؤال، أشار إلى أن «ما حصل من تنسيق مع قوى المعارضة في جلسة التمديد يبنى عليه للمرحلة المقبلة من أجل مزيد من الحوار مع جميع الكتل النيابية والقوى السياسية والعمل على إنضاج التوافق الذي من شأنه أن ينهي أزمة الفراغ الرئاسي».
من جهته، يوضح عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال الدويهي أن إسهامهم في تأمين نصاب الجلسة «رغم موقفنا الواضح برفض التشريع بغياب رئيس للجمهورية سببه الأساسي كان منع الفراغ في قيادة الجيش، ما يضع البلد أمام سيناريوهات خطيرة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما حصل بموضوع التمديد يُبقي قائد الجيش لاعباً أساسياً في السباق الرئاسي، لكنه لا يحسم الرئاسة لصالحه». ويضيف: «معايير التمديد تختلف عن معايير الرئاسة. يفترض البحث عن تقاطعات، فكما حصل التقاطع الأول على جهاد أزعور، ممكن أن يحصل تقاطع على أسماء ترتاح لها قوى المعارضة، ولا يعارضها الفريق الثاني».
وفي موقف لافت، يرجح الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، المتابع عن كثب لمواقف «حزب الله»، أن يؤدي التمديد «لسحب اسم العماد عون من التداول في رئاسة الجمهورية»، متوقعاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يعزز ذلك الدعوة إلى حوار وطني للوصول إلى مرشح توافقي».