كتب نادر حجاز في موقع mtv:
هل انتهى زمن اللغة العربيّة لصالح لغة الإنترنت؟
هو السؤال الأهم الذي يمكن أن يُطرَح في اليوم العالمي للغة العربية. لغة أعطت العلوم والآداب من ذاتها، وحملت جماليةً وغنًى في الكلمات والمصطلحات. لا تنافسها لغة أخرى في العالم بما تمثّله من بحرٍ في المعاني والبلاغة.
فماذا بقي من اللغة العربية اليوم في عصر وسائل التواصل الاجتماعي ولغة الإنترنت الهجينة؟
يجيب الباحث في اللّغة الصحافيّ إلياس قطّار، عبر موقع mtv، بالقول: “بقي منها أكثر ممّا يتوقّع كثيرون وأكثر ممّا يرغب كثيرون. بقي منها بحرٌ من المصطلحات والصور البلاغيّة. بقيت منها مليارات الكتابات. بقيت منها قلّة حريصة تقارع كثرةً مستهترة. بقيت منها جماليّة ما احتضنتها لغة أخرى. بقيت منها هُويّتنا وانتماؤنا. أمّا لغة الإنترنت تلك فطارئة فرضَها الاستسهال، وكلّ ما طرأ بلا قواعد وأصول إلى زوال”.
وماذا عن دور المدارس في الحفاظ على لغتنا، يقول قطّار: “المدارس مهد اللغة. المدارس كالأحشاء، كالأمّ. إن لم تعتنِ الأمّ بجنينها وُلد بتشوّهاتِ خلقيّة. هكذا هي المدارس، إن لم تعلّم الأطفال صحيح اللغة تولد على ألسنتهم مشوَّهةً وغير مكتملة، أو ربّما لا تولد أبدًا بفعل غزو اللغات الأخرى التي تمنحها المدارس أولويّةً على حساب لغة الضادّ”.
ولا بدّ من التوقّف عند دور الإعلام أيضًا. وهنا يوضح قطّار قائلاً: “إذا كانت المدارس هي المهد فالإعلام هو شباب اللغة. عبره تنضج، ومسؤوليته مضاعفة لأنه يدخل كلّ بيت وكلّ أذن. وما يدخل الأذن يسكن الذهن. لذا، ليس المطلوب من الإعلاميين والإعلاميّات أن يكونوا أساتذة نحو وصرف أو أن يتبنّوا الصعب على حساب المفهوم، بل أن يفقهوا بدهيّات اللغة وأن يصونوا ما تبقّى منها خصوصًا في تقاريرهم المسجّلة التي يمكن ضبطها نحوًا وصرفًا قبل عرضها”.
وفيما يتلهّى المؤثّرون على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر ما يطلبه المتابعون، حتى ولو كان مبتذلًا، يبرز قطّار كمؤثّر من نوع آخر، حمايةً للغة العربية من الفضائع المرتكبة بحقها يوميًّا. وفي هذا المجال يقول قطّار: “كثيرا ما أقولها، هدفي ممّا أنشر تصويب أخطاء الإعلاميين لا التصويب عليهم. أحاول بقدر ما استطعت تصويب البوصلة، بزرع الفصيح ومحو الشّائع الذي ألفته الأذن. لا أستسلم لمقولة: هذا ما اعتادته الأذن العامّة. دور الإعلاميّ نشر الخبر واللغة معًا. أمّا أذن العامّة فكما اعتادت الخطأ تعتاد الفصيح متى بات على كلّ لسانٍ إعلاميّ. لا نظلم جميع المراسلين والمراسلات، فمنهم كثيرون حريصون على صحيح اللغة”.
نستذكر اللغة العربية في يومها العالمي، ولكن ليس من باب طيّ صفحتها والبكاء على أطلالها، إنما لتأكيد أنها عصيّة على الموت، مهما تبلبلت ألسنتنا.