كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
يضيق هامش التصريف الضيّق لأعمال السلطة التنفيذيّة أمام الحكومة، مع اتساع أمد الشغور في سدّة الرئاسة الأولى؛ ما شرّع الطريق أمامها لاستنباط أطرٍ تتيح لها تخطي التفسير الضيّق لتصريف الأعمال، واتخاذ الإجراءات أو القرارات الكفيلة بالحدّ من تفاقم التحديات الماليّة والإقتصاديّة والتربوية، كما الأمنيّة التي تهدد مستقبل الدولة واللبنانيين على حدّ سواء.
فبعد الكباش ما بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة وحاكميّة مصرف لبنان التي تربط الإستمرار في تمويل الدولة بإقرار تشريعات واضحة ترفع عن الحاكميّة شبهة مخالفة قانون النقد والتسليف، وجد رئيس الحكومة المعتبرة مستقيلة نجيب ميقاتي في أموال السحب الخاص «SDR»، الملاذ الأخير من أجل تأمين الإيرادات الماليّة المطلوبة لتسديد الرواتب والأجور وغيرها من المستلزمات الدوائية والغذائية الضروريّة.
وفي هذا الإطار، وعلى وقع اللقاء الوزاري المرتقب أن تستضيفه البطريركية المارونية في مقرها الصيفي في الديمان قبل ظهر اليوم الثلاثاء، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال من وزير المال يوسف خليل، إعداد جدول دقيق بالأموال التي صرفت من أموال السحب الخاصة «SDR»، والأموال المتبقيّة، بغية العودة إلى مجلس الوزراء واتخاذ القرار الكفيل باستخدامها لسدّ الفجوة التي خلّفها تعليق مصرف لبنان العمل في السياسة الماليّة التي انتهجها الحاكم السابق للمركزي رياض سلامة.
وإلى جانب التحديات الماليّة المترافقة مع خروج حاكم مصرف لبنان الماروني من سدّة الحاكميّة، وإناطة صلاحياته بنائبه الأول وسيم منصوري، وفق القانون، تركت دعوة الرئيس ميقاتي لعقد لقاء وزاري تشاوري في الديمان، الطريق مشرّعاً أمام تساؤلات وضعها البعض في إطار الحاجة إلى تأمين الغطاء المسيحي لإعادة تعويم الحكومة ودفعها إلى تخطي الإعتبارات التي تحول دون مشاركة غالبيّة الوزراء المسيحيين، قبل أن يضعها آخرون في إطار التمهيد لعودة وزراء «التيار الوطني الحر» إلى مجلس الوزراء من بوابة الديمان.
ومع تأكيد مصادر الديمان مشاركة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في اللقاء الوزاري اليوم، شددت على أنّ دور البطريركية يقتصر على استضافة اللقاء الذي وضعته الجهة الداعية في إطار التشاور في الشؤون الوطنية المشتركة والقضايا التي تخص الكيان، قبل أن تعهد إلى السراي الإفصاح عن حيثيات اللقاء وجدول أعماله، كما عن المشاركين.
ورغم امتناع عدد من الوزراء عن المشاركة في مجلس الوزراء، كشفت أوساط السراي أنّ الرئيس ميقاتي وضع جميع الوزراء في حيثيات اللقاء المزمع عقده اليوم في الديمان، من أجل «مناقشة ما يتهدد القيم الأخلاقية اللبنانية التي تمثل الحصن الحصين للبنان واللبنانيين»، إلى جانب التطرق إلى العديد من الملفات التي يجد المشاركون ما يستدعي مناقشتها مع البطريرك الراعي.
وخلافاً لإخراج هذا اللقاء عن سياقه الطبيعي، أوضحت أوساط السراي أنّ الزيارة الأخيرة تقليدية يقوم بها رئيس الحكومة للديمان، بعد اجتماع مجلس المطارنة في المقرّ الصيفي، وقد تضمنت لقاء خاصاً بين الراعي وميقاتي، قبل انضمام الوفد الوزاري المرافق إلى الإجتماع مع الآباء الذين عمدوا بدورهم إلى طرح العديد من المواضيع، ما دفعهم إلى الاستجابة لاقتراح وزير الثقافة محمد وسام مرتضى والدعوة إلى لقاء تشاوري في مجمل الملفات الراهنة في الديمان.
ومع تشديد أوساط السراي على أنّه لا خلفيات وراء دعوة الوزراء إلى الديمان، وضعت اللقاء في إطاره التشاوري المتاح عقده في أي مكان، بعيداً من تحميل الجهة الداعية تبعات نقل مقرّ مجلس الوزراء إلى الديمان، وأكّدت أنّ المرحلة الراهنة تتطلب التشاور والبحث في قواسم مشتركة بين اللبنانيين، مقابل الجوّ التعطيلي السائد.
ومع إعلان عدد من الوزراء المقربين من «التيار الوطني الحر» إمتناعهم عن المشاركة في لقاء الديمان ما لم توجّه الدعوة من البطريرك الراعي، وفق ما صرّح وزير السياحة وليد نصار، لفتت أوساط السراي الى أن وزراء الخارجية والدفاع والعدل إلتقوا ميقاتي أمس، وقد يكون وضعهم في حيثيات اللقاء وطلب منهم امكانية المشاركة في لقاء الديمان.