“بابا مات وما شفتو ما بعرف إذا كان عتبان أو زعلان وما حدا منا حدو”… قصة ظلم وحشها مستشفى: مش يمكن حاول يصرخ إنو ما قادر يتنفس وما ردوا!
هو بلد فقد فيه الانسان كل حقوقه، ولم يبق له ما يطالب به أو يسأل عنه… لا المرض ولا الموت ولا الأوبئة… أنت لبناني اذا حكم عليك بالاعدام.
هذه المقدمة اليائسة، أتت نتيجة منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك نشرته سيدة اسمها سماح خليفة شقير، روت خلالها لحظات الألم والبطش التي عاشتها ووالدها محمد والعائلة في أيامه الأخيرة.
وجاء في المنشور النص التالي: “بابا راح. صار فيني إحكي. سكتت لأن قالولي بيك بين إيديهن ما فينا نعمل شي. بابا كان عندو مشكلة بالروايا وضعف بعضلة القلب. دخل عالعناية بمستشفى معروف.
– طلع لازم نعمل فحص كورونا لنفوت نشوفو نص ساعة بيكلف 150,000 ل.ل وكل 5 أيام لازم ينعاد. قلنا ماشي عم يفتشو عمصلحة المريض. كنا عارفين وضعو حساس ومطول بالمستشفى. جربنا نشوف مطارح أرخص نعمل فيها فحص لنقدر نشوفو كلنا. طلع ممنوع نعمل الفحص برا. اتصلت بوزارة الصحة قالو إنو إذا نعمل الفحص بمركز أو مستشفى معترف فيهن من قبل الوزارة ما بيحقلهن يرفضو. وطلبوا مني إتشكى عرقم الشكاوي وهني بيتواصلو معهن. قالولي ما وقتها لأن بيك بين إيديهن. سكتت. صرنا نروح مداورة كل جمعة حدا.. أنا ما إجا دوري ما شفتو. ما لحقت شوفو. لأن شوفة المريض صارت بمصاري ولأن صرنا بزمن الإستغلال والتجارة.. تجارة بالموت والمرض والإنسان والإنسانية.
– لحد ما شفت صورة إيديه مربطين وجنيت وصرت صرخ. لا عم يفهمو عليه ولا مسموح نضل حدو. كنا نوقف بالصف لما بابا يدخل مستشفى عباب العناية لنشوفو. كل شي تغير، كل شي غلي والإنسان صار رخيص. رجعنا سكتنا قلنا البابا بين إيديهن ويمكن إذا شال المكنة بيموت، عم يحافظو عحياتو. وهوي عم يقول خدوني من هون ويحاول يشيل المكنة.
– حكينا الحكيمة بركي منجرب حدا منا يضل حدو وما يضهر، قالت “ما في لزوم لا عم ياكل ولا عم يشرب”. ما في لزوم.. يفتّح وما يلاقي حدا وهوي بآخر عمرو، عادي. ينوجع وما يلاقي إبن يقلو سلامتك ويمسك إيدو عادي. يبرد وما يلاقي حدا يغطيه، عادي…
– حتى الدكتور لما كنا نتواصل معو كان يقول لماما مدام ما فيكي كل يوم تتصلي بعدو عوضعو ما في شي جديد.. لا مسموح نشوفو والمعلومة بدنا نقدم طلب لنحصل عليها.
– كانو حاطينلو مكنات تنفس قالو بدنا نشيلهن لنشوف إذا رح يتجاوب، تاني يوم مات. ما حسو نفسو نتراجع ما حسو إنو لازم يرجع المكنات. عم يعملو تجارب لأن. مش إنسان اللي بين إيديهن.
– تلفون ماما كان مكسور وحاملي تلفون قديم صوتو واطي. عطتهن 3 أرقام غير رقمها حتى إذا صار شي يتصلو فيها. توَفى بابا من الساعة ستة ونص بالليل اتصلوا عرقمها ما سمعت. لتاني يوم موعد الزيارة الساعة 11 ما اتصلوا بغير رقم… بس راحت عموعد الزيارة قالولها توفى اتصلنا عرقمك ما رديتي. لما سألت ليه ما دقيتو عغير أرقام، قالوا ضيعناهن. والأضرب ما غمضولو عيونو. شي متل الكذب بيشبهو كل شي إلا البشر.
– ضهّرنا بابا دفعنا أربعة مليون وميتين ألف فرق ضمان، معاش موظف لبناني عأربع خمس شهور. الحمد لله تيسّرت الأمور. تاني يوم أخدنيه لنغسلو بيقولو لخيي بعد في حق آخر ليلة خمس وسبعين ألف ليرة. الليلة اللي ما تواصلو معنا وتركوا لحالو لتاني يوم بدهن يقبضو حقها. قلهن خيي بس الحق عليكن ما بلغتونا رجع سكت ودفع لأن مش وقتها ولأن بابا بعدو بين إيديهن.
بابا هلأ صار بين إيدين الله الرحمن الرحيم رتاح من البشر والبشرية. هلأ صار فينا نحكي.
كورونا منها مرض خطير، نفوس البشر المريضة هيي المرض الخطير، الطمع الوساخة الأنانية إنعدام الإحساس، هيدول هني المرض.
بابا مات وما شفتو ما بعرف إذا كان عتبان أو زعلان أو خيفان وما حدا منا حدو. ما بعرف لأي درجة من الإهمال تعرض، كم مرة حاول يعيطلهن ما ردوا، كم مرة تخلقو عليه، كم مرة بخعوه. إذا ما غمضولو عيونو خلال 12 ساعة يعني قديه كان صرلهن ما طلو عليه من الأساس، مش يمكن حاول يصرخ إنو ما قادر يتنفس وما ردو.
ما بعرف قديه كانت خيبة أملو كبيرة لما يفتّح وما يلاقينا حواليه. لو سمحولنا نعمل الفحص ببلاش وقبلو فيه كنا هلأ كلنا شفناه وشافنا قبل ما يموت. ربانا وكبرنا وضل حدنا لحظة بلحظة حتى آخر كم لحظة ما يلاقينا.. عادي
كل شي بهالبلد صار عادي. كل شي غلي إلا الإنسان صار رخيص..”.
vdlnews