لبنان

سعر “الحلو” جعله… مُرّاً

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

«الحلو ع الدولار، ويا قطايف مين يشتريك». باتت الحلويات من المحرّمات للعديد من الناس في أيامها المرّة. وصلنا إلى زمن أصبحت الأطايب من الكماليات. خرجت عن اهتمامات الناس بشكل كبير. سعر كيلو الحلو 6 دولارات وأكثر. بعض الأصناف الرمضانية سجّلت 15 دولاراً للكيلو الواحد. الحلو للميسورين فقط، أمّا الفقراء وذوو الدخل المحدود فلا حلّ أمامهم سوى الحلويات الشعبية الرخيصة أو ما تنتجه المنازل.

يتحدّى حسين وهبي الغلاء. أسعاره شعبية. ثمن الكيلو 300 ألف ليرة، في وقت سجّل كيلو الحلو العربي 500 ألف ليرة. عند مفترق زوطر النبطية الفوقا كفرتبنيت، ينتظر زبائنه. يقصده الباحثون عن الحلو «الرخيص والطيّب في آن». أمر يحرص عليه وهبي الذي يؤكّد أنّه «يعدّ معظم أصناف الحلويات، وكلها بـ300 ألف فقط». تنتشر بسطات الحلو والعصائر في العديد من طرقات النبطية. الكلّ يريد أن يستغلّ الشهر الكريم في فرص عمل موقّتة. عدد من الشبان يعرضون عصائر الليمون والجلّاب والتمر الهندي، في محاولة منهم للإلتفاف على الأزمة.

يسعى الحاج حسين لتأمين قوت يومه بتعبه. لا يزال يعدّ الحلويات اليومية. لم ينهكه عمره الذي ناهز السبعين عاماً. لم يسمح لمرضه أن يكون حجر عثرة، بل شكّل وثبة في مواصلة كفاحه اليومي. يرفض أن يمدّ يده لأحد. يصنع الحلويات ويبيعها، غير آبه ببرودة الطقس أو حرارته. ما يهمّه هو تأمين بعض المتطلبات. يقف وهبي ساعات طويلة أمام سيارته، من دون كلل أو ملل. يبيع ما تيسّر من الحلو العربي وبعض الأصناف الرمضانية. يحاول الحفاظ على شعبية مهنته، التي مارسها لسنين طويلة. فسعر الكيلو 300 ألف ليرة. أرخص من كيلو «القطايف» الذي سجّل 400 ألف ليرة. ظنّ لوهلة أنّه سيتقاعد قبل نهاية الخدمة. غير انه وجد نفسه مجبراً على العمل، لتأمين فاتورة الكهرباء والمياه والهاتف والدواء والأكل وغيرها من فواتير يعجز عن دفعها كلّها.

اعتاد الحاج حسين على العمل. لم ينتظر يوماً دعم الدولة. فهي تخلّت عن مواطنيها منذ زمن، وليس الآن. حتّى بطاقة الدعم التابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية لم يحصل عليها، على الرغم من حاجته لها. نالها المحظوظون في المنطقة، أصحاب الشأن والمال على حدّ قوله. يتمسّك بتسعيرته المنخفضة. يريد أن «يبيع بحق الله»، مع إشارته إلى أن «أسعار المكوّنات ارتفعت وباتت كلّها بالدولار». يضرب على وتر الأزمة، يدرك أنّ الناس باتت تحت خطّ الفقر وهو منهم. يريد أن يكون قرب المحتاج في محنته، «فلا يشعر بالفقير إلا الفقير» على حدّ قوله. قد يكون «الحلونجي» الوحيد الذي يبيع «باللبناني»، لأنه كما يقول «هيدي عملتنا». ما يحزنه أن الأوضاع تتجه نحو الأسوأ وبلا أفق واضح لنهاية النفق المظلم. لم يعش ظروفاً قاسية كهذه، في أحلك المحن بقي المواطن قادراً على توفير دوائه وطعامه.

Related Articles