لبنان

رئاسة لبنان تنتظر مهلة الشهرين

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

ليس في جعبة أي من الفرقاء السياسيين اللبنانيين أي تصور عن احتمال الخروج من مأزق الفراغ رغم التطورات الإقليمية المتسارعة التي نشهد فصلاً جديداً من فصولها المفاجئة جراء الاتفاق الكبير الذي جرى في العاشر من الجاري في بكين بين المملكة العربية السعودية وإيران، على استئناف العلاقات الدبلوماسية وعودة سفيريْ البلدين إلى كل من العاصمتين.

هذا التطور، معطوفاً على التقلبات الكارثية للارتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار وما يسببه من اضطراب اجتماعي وحياتي يفترض أن يكون حافزاً للقيادات السياسية كي تتوصّل إلى اتفاق ما على ملء الفراغ الرئاسي، الذي كلما مرّ يوم يزيد من صعوبات الحلول السياسية لأزمة الحكم، وللمأزق الاقتصادي، لكن المعطيات لا تفيد بأي تواصل له مغزى على هذا الصعيد بين الفرقاء المحليين المعنيين.

على العكس من ذلك، فبدلاً من الدفع في هذا الاتجاه، يبدو الفرقاء في حال من العجز والانتظار للخارج، بعد التحولات الإقليمية التي أربكتهم رغم معرفة بعض منهم بتقدم المباحثات بين الرياض وطهران قبل الإعلان عن النتائج، ولا سيما رئيس البرلمان نبيه بري والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله باقتراب اتفاقهما قبل أيام قليلة من إخراجه إلى العلن. ورغم تكرار اللازمة القائلة إنّ على الفرقاء اللبنانيين أن يتفقوا على اسم الرئيس العتيد، لأن الخارج لن يتدخل بالأسماء، فإنّ القادة المحليين لم يغادروا ضمناً القاعدة القائلة إنّ الخارج هو الذي يوحي لمفاتيح المشهد السياسي اللبناني أن يدفعوا في اتجاه هذا الخيار أو ذاك من المرشحين. ومع أن هناك شبه إجماع لبناني على وجوب الإفادة من الاسترخاء الإقليمي الذي أحدثه اتفاق بكين، من أجل تسريع التوافق اللبناني، فإنّ المصادر المنخرطة في محاولات التوصل إلى تسوية رئاسية، والتي تنتظر إشارات من طرفي الاتفاق للدفع في هذا الاتجاه أو ذاك، ترى أنّه من الواضح، وفق المعطيات التي لديها، أن كلاً من طهران والرياض تركتا الملف اللبناني ليكون آخر الملفات، وفقاً للمسلّمة التي يجمع عليها جميع الفرقاء، بأنّ الأولوية هي لإيجاد الحل السياسي في اليمن. أما ما يخص لبنان فإنّ المحاولة الفرنسية لإجراء المقايضة بين رئاسة الجمهورية لمصلحة مرشح قوى «الممانعة» رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية مع ضمانات يقدمها للمرشح لرئاسة الحكومة القاضي في محكمة العدل الدولية السفير السابق نواف سلام، قد واجهت الرفض السعودي مجدداً خلال اجتماع باريس الأخير في 17 الجاري للأسباب المعروفة، أي رفض تولي الرئاسة من قبل حليف لـ»حزب الله»، لكن من دون طرح الرياض اسماً بديلاً استناداً إلى اتّباعها قاعدة رفض التدخل بالأسماء، فضلاً عن اعتراضها على مبدأ المقايضة، الذي شرحت الرياض أسبابه أكثر من مرة. بقي الاستحقاق رهينة الموقف الفرنسي الذي استند إليه «الثنائي الشيعي» قبل الإعلان عن الاتفاق السعودي- الإيراني بستة أيام. ولم يستطع الثنائي إقناع خصومه أنّ اتفاق بكين يعزز خياره، فبات بري و»حزب الله» أسيرَيْ التشجيع الفرنسي على خيار فرنجية، بينما لم يحصل لا هو ولا غيره من الفرقاء الحلفاء، أو الخصوم على معطيات ترجّح هذا الخيار أو غيره، سواء من طهران أو من الرياض. فالعاصمتان منشغلتان بالمفاوضات الجارية حول اليمن سواء في جنيف أو في عُمان، والتي بدأت نتائجها تظهر تباعاً حول تبادل السجناء والمعتقلين، أو غيرها من الخطوات التي سترى النور خلال مهلة الشهرين التي تضمنها إعلان بكين. ولا تستبعد المصادر أن يطول الوقت قبل أن يلتفت الجانبان إلى الوضع اللبناني. في الانتظار، يستبعد مسؤول سياسي بارز أن تتمكن باريس من إحداث اختراق في الرئاسة، من دون أن يقلل من أهمية الدور الذي يلعبه الرئيس إيمانويل ماكرون في تحريك الجهود المحلية والخارجية للخروج من المأزق، وهذا بحد ذاته نقطة إيجابية كونه يعتبر لبنان بوابته الرئيسة إلى المنطقة. إلا أنّ هذا المسؤول يرى أنّ فرنسا، ورغم علاقتها الخاصة بلبنان، لم تستطع في تاريخ المعارك الرئاسية اللبنانية، أي مرة، أن ترجح كفة رئيس للجمهورية، بل إنّ العودة إلى هذا التاريخ تشير إلى أنّ الجانب الأميركي كان الأكثر تأثيراً في اختيار أسماء رؤساء الجمهورية بالشراكة مع قوة إقليمية نافذة في البلد. وفي وقت كانت سوريا في مرحلة معينة الشريك في هذا الاختيار، فإنّ السعودية هذه المرة قد تكون الجهة العربية التي يتم التفاهم معها على شخص الرئيس العتيد. حتى التلويح الفرنسي بالعقوبات الأوروبية على قوى متهمة بعرقلة انتخاب الرئيس لا يبدو أنه مفيد. إذا كانت على «حزب الله»، فإنّ باريس على تواصل دوري معه، وإذا كانت على غيره مثل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، فالأخير يخضع للعقوبات الأميركية التي لم تقدم أو تؤخر…

Related Articles