12 عاماً لتحقيق عودة اللاجئين السوريين؟!
جاء في “نداء الوطن”:
ليست هي الزيارة الأولى لوزير المهجرين عصام شرف الدين إلى سوريا، وهو بعدما صارت حقيبته لزوم ما لا يلزم، كلّف نفسه بملف إعادة النازحين السوريين الى ديارهم التي ارتحلوا عنها، وقد صارت بنسبة 80 بالمئة آمنة وتحتاج الى أمرين: الأول الحل السياسي والثاني بدء إعادة الإعمار.
هناك نظرية تقول إنه بمجرد أن تبدأ عملية إعادة الإعمار في سوريا، فإن النازحين السوريين سيعودون من دون «جميلة» أحد لتوفر فرص العمل بكثرة، وهناك من يقول إن النازحين لو أرادوا العودة لعادوا مع إعادة إعمار أو من دونها، إلا أن إرادتهم هي البقاء في لبنان، وهذا الأمر اعتادوا عليه منذ العام 1976، وهذا مكمن الخطر.
لذلك؛ فإن المقاربة اللبنانية لملف النزوح، تشبه تماماً الأداء السياسي مع أي قضية مصيرية، وبالتالي هي مقاربة مشتتة ومن شأنها تضييع الهدف وتكريس وجود شعب بديل عن اللبنانيين على الأرض اللبنانية.
من هنا، يرى مصدر واسع الاطلاع أن «زيارة شرف الدين الى دمشق يومي الاحد والاثنين للبحث في خطة عودة النازحين ستكون كما سابقاتها من الفشل، بعدما أبلغ الجانب السوري لبنان أن كل ما تستطيعه سوريا هو إيواء 16 ألف نازح شهرياً بحيث يمكنها تأمين الخدمات الأساسية لعدد كهذا شهرياً، وبالتالي إذا قسنا ذلك الى عدد النازحين السوريين المسجلين وغير المسجلين ويقارب المليوني نازح، فإن خطة إعادة النازحين تحتاج على أقل تقدير إلى 12 عاماً حتى تنفّذ، وهذا أمر غير منطقي، لأنه سيوسّع مروحة الولادات في لبنان والتي لا تسجل لا في وزارة الداخلية ولا في السفارة السورية وبالتالي يتحول المولودون مكتومي قيد ينتظرون ارتكاب أحدهم جريمة تشبه جريمة مرسوم التجنيس في العام 1994، الذي شمل كل مكتومي القيد وبالتالي يتحولون لبنانيين ويدمّرون ما تبقّى من نوع التوازن الديموغرافي ولو الشكلي».
3 أمور أساسية لخطة متكاملة
ويوضح المصدر أن «الأخطر في خطة كهذه لو نفّذت، أنه يُعاد 16 ألف نازح شهرياً بينما يدخل بشكل شرعي أو بالتهريب أضعاف هذا العدد، بحيث نعيد تجربة خطة الأمن العام اللبناني الذي أعاد منذ انطلاق الخطة 500 ألف نازح، إلا أنهم كانوا يعودون وبعلم النظام في سوريا بطريقة أو بأخرى، لذلك يفترض بأي خطة لإعادة النازحين أن تكون متكاملة تلحظ ثلاثة أمور أساسية وهي:
أولاً: إلتزام رسمي سوري حقيقي بخطة العودة النهائية، لا أن يعود 16 ألفاً ويدخل 50 ألفاً وأكثر، وهذا الأمر يحتاج الى إجراءات صارمة على جانبي الحدود.
ثانياً: توحيد الموقف اللبناني من وجوب إعادة النازحين الذين أصبحوا يشكلون خطراً على مستقبل الكيان اللبناني، وعدم الاستمرار بسياسة الاستهتار والانتظار وتقاذف كرة نار النزوح.
ثالثاً: عدم تنفيذ أي خطة لإعادة النازحين بأسلوب العنتريات والتحدي مع الأمم المتحدة، إنما من خلال تفاهم ممكن وعلى قاعدة أن الضرورات الوطنية اللبنانية القاهرة تبيح المحظورات المتصلة برفض الأمم المتحدة إعادة النازحين، واستمرار المجتمع الدولي بالضغط لدمجهم في المجتمع اللبناني».
ويرى المصدر أن «لبنان فشل فشلاً ذريعاً في تحويل نقمة النزوح السوري فرصة يُفيد منها في معالجة الكثير من أزماته عبر تلبية حاجيات أساسية، إذ إن الدولتين التركية والأردنية تمكّنتا من الاستثمار في النازحين للحصول على دعم اقتصادي ومالي دولي كبير، بينما لبنان ازداد غرقاً في أزماته وقاربت خسائره جراء النزوح الـ50 مليار دولار».
ويدعو المصدر الى «وقف سياسة الارتجال واختراع الأدوار في قضية إعادة النازحين السوريين، وإذا كانت السلطات السورية غير جاهزة لاستيعاب مواطنيها مهما بلغ عددهم وفق برنامج واضح وقصير المدى، فهذا يعني أن لبنان أصبح عملياً في مواجهة استعصاءين لتحقيق العودة: الأول سوري يماطل في إعادة مواطنيه، والثاني دولي يربط العودة بالحل السياسي وبدء إعادة الإعمار، بينما لبنان يستمر في عملية لحس المبرد ويزداد نزيفه الاقتصادي والمالي وحتى الأمني».