لبنانمباشر

ملفّ المطران الحاج: الحكم إلى زوال والكنيسة باقية!

جاء في “المركزية”:

لم تكن نبرة الحدية والحزم التي اتسم بها بيان المجمع الدائم لسينودس أساقفة الكنيسة المارونية، عقب التداعيات التي فجرها “الإعتداء”على رئيس أساقفة ابرشية حيفا المارونية والنائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية وعمان واراضي المملكة الأردنية الهاشمية المطران موسى الحاج مجرد هز عصا البطريركية المارونية، بدليل أن الاتصالات التي حصلت تخطّت بكركي والديمان والمرجعيات السياسية المحلية لتصل الى الفاتيكان. وعلى رغم كل محاولات تطويق الحادث ولملمة ذيوله وخصوصاً بعد زيارة المطران الحاج الى قصر بعبدا، بقيت اللعبة مفتوحة على شتى الاحتمالات. ووفق المعلومات المتداولة، جرى التدخل من أعلى المرجعيات الداخلية والفاتيكان وربما وصولاً الى بعض العواصم الغربية من أجل لملمة الوضع خوفاً من أن يؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

منذ اللحظة الأولى، أدرك البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أن ما حصل مع المطران الحاج رسالة مباشرة موجهة لشخصه، إلا أنه قرر خوض مواجهة “فُرضت” عليه “ولن يتراجع عنها باعتبار أن ما حدث يشكل تجاوزا لأعراف لا يمكن للبطريركية ان تتهاون فيها”. فهو حدد شروطه لتجاوز الخطأ، وهي إعادة كل ما صودر من المطران الحاج والحصول على ضمانات بعدم تكرار مثل هذا الأمر. وإذ بدا أن الراعي لم يعد متشددا بإقالة وتنحي القاضي فادي عقيقي ، إلا أنه لا يزال مصراً على إقفال الملف القضائي وصرف النظر نهائيا عن استكمال التحقيق.

“قلنا ما قلناه” وسيد بكركي لن يتراجع عن موقفه “المحق” لكن اللافت أن لا شيء في المقابل من جهة مرتكبي الخطأ الفادح الذي ارتكبوه في حق المطران الحاج ولا شيء في الأجواء يوحي أن ثمة حلحلة ما، فهل تسقط صفة العمالة عن المطران الحاج في حال قرر العودة إلى ابرشيته في الأراضي المقدسة عبر الأردن وكيف سيتم تصنيف الأمانات التي سيحملها معه إلى لبنان، هذا إذا سُمح له بحمل أمانات أو إذا تجرأ لبنانيون مبعدون قسراً إلى إسرائيل من إرسال أموال وأدوية إلى عائلاتهم وأقاربهم بعدما صادر جهاز الأمن العام الأموال والأدوية بقرار من القاضي عقيقي ولم يتم استردادها حتى اللحظة؟

“الأكيد أن لا جديد في ملف المطران موسى الحاج لأن من في يدهم الحل هم من افتعلوا المشكلة بهدف الضغط على البطريرك الراعي وليس بهدف حلها بطبيعة الحال”، يقول الوزير الأسبق سجعان قزي، مضيفا أن “البطريرك الراعي ليس في وارد القيام بأية تسويات أو التراجع عن موقفه الذي أعلنه في مجمع سينودس الكنيسة المارونية ولاحقا في عظات الأحد. ولو كان في هذا الوارد، لكنا شهدنا على مواكب السياسيين التي تقل “وسطاء” تعبر يوميا طريق الديمان”.

ولا يخفي قزي مسؤولية الدولة المباشرة في حادثة توقيف المطران الحاج وليس على الكنيسة كما يحاول البعض الإيحاء، “فبكركي أعلنت عن موقفها الصامد الذي لا يتزعزع، إلا أن الأكيد أنها لن تدخل في مواجهة مفتوحة مع الدولة لأن المسألة تتخطى أطر الحكم المبدأي، لأن “الحكم رايح بس الكنيسة باقية”.

وعلى مستوى الإتصالات مع الفاتيكان، أكد قزي أنها إيجابية والفاتيكان يدعم موقف بكركي وسيدها إلا أن هذه المواقف تبقى غير معلنة، أضف إلى ذلك موقف المطارنة في اجتماع الأساقفة الشهري الأربعاء الماضي، بحيث أيّد مواقف الراعي ودعاه للصمود وكذلك زيارات الفاعليات السياسية والشعبية إلى الديمان لدعم مواقفه من قضية توقيف المطران الحاج وثباته عليها. “ولو كان البطريرك الراعي في بكركي ، لكان المشهد مختلفا أقله على المستوى الشعبي بحيث كنا سنشهد على تظاهرات مؤيدة له ، لكن كون الراعي لا يزال في مقره الصيفي، فهو حتما لا يريد أن يكبد الشعب عناء الإنتقال إلى الديمان في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة”.

كثيرة هي الملفات التي تطفو يوميا على سطح الأزمات الداخلية من سياسية وإقتصادية ومالية، إلا ان ملف توقيف المطران الحاج وخلفياته التي تتكشف يوما بعد يوم سيبقى الأبرز لا سيما وأن كلاما في الكواليس يوحي وكأن هذا الملف سيكون بمثابة قميص عثمان الذي ستلوح به الدولة لهز عصا بكركي يقينا منها أنها “ستهتز”. لكنها حتما على خطأ. فهل دخل الملف أدراج “اللحظة المناسبة”؟

حتى اللحظة لا يمكن الجزم أو التكهن بالرد الذي سيحمله “المكلفون” بنقل موقف الراعي إلى الجهات التي افتعلت الحادث، لكن الواضح انها لم تحصل على الضوء الخضر وكل محاولات جس النبض باءت بالفشل في ظل موقف الراعي الثابت والحاسم وغير القابل للتسويات. ومع ازدياد إصرار الراعي على مواقفه تأكد “الموفدون” أن لا مجال لتغيير مواقفه أو التراجع عنها أو المساومة عليها . ومن حينه انقطعت زياراتهم على طريق الديمان.

وكما مصير الملف المعلق كذلك المطران الحاج الذي لا يزال في لبنان ولم يغادره عائدا إلى أبرشيته في الأراضي المقدسة”، وإذا أراد فلن يكون إلا عبر معبر الناقورة. لأنه لو أراد المغادرة عن طريق الأردن لفعلها”. ويختم قزي بسؤال: “هل من المسموح ان يدخل المطران الحاج إلى الأراضي المقدسة عبر الأردن ويمنع عليه ذلك عبر الناقورة؟”.

الإحتمالات كثيرة ومفتوحة. كيف لا والموضوع في أساسه ليس قضائيا إنما هو وطني بامتياز ويندرج في إطار مخطط وضع اليد على البلد. فهل تكون العبرة في الإلتفاف حول بكركي التاريخ والوطن؟

مقالات ذات صلة