“زعران” تحت قبة البرلمان!
جاء في “نداء الوطن”:
تحت وطأة تجديد الاتحاد الأوروبي صلاحية تدابيره العقابية الخاصة بلبنان لمدة عام والتي تستهدف الشخصيات والكيانات التي تقوض الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، وتحت أنظار السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا التي حرصت على حضور جلسة الهيئة العامة أمس، لم تجد السلطة مفراً من أن تغادر رصيف المراوغة والمناورة وتسلك طريق الإصلاح بعد طول انتظار، فأقرّ المجلس النيابي مشروع القانون المتعلق بالسرية المصرفية مع بعض الضوابط الإجرائية والجزائية تمهيداً لدفع قطار المفاوضات قدماً مع صندوق النقد الدولي في المرحلة المقبلة.
لكن وعلى قاعدة “الطبع يغلب التطبّع”، غلبت “شهوة” السلطة المفتوحة والمكبوتة على أجواء الجلسة التشريعية الإصلاحية فصبغتها بحلة “إباحية” مخزية من الهياج الذكوري والزعرنات النيابية على وقع ما تعرضت له النائب سينتيا زرازير من “تحرش” فاقع سواءً في أروقة القاعة العامة حيث كشفت عن تعرضها للتنمّر والتلطيش من قبل نواب “حركة أمل”، أو داخل مكتبها في المجلس النيابي حيث عثرت عند استلامه على “مجلات بلاي بوي وواقيات ذكرية مستخدمة في أرض المكتب وجواريره”، فضلاً عما كشفته من أساليب الترهيب و”البلطجة” التي تواجهها في المجلس، لا سيما في ما يتصل بمحاولة إذلالها والتضييق عليها لدى الدخول إلى البرلمان وعدم منحها موقفاً لركن سيارتها، والتهكم على اسم عائلاتها بعبارات نابية جسّدها النائب قبلان قبلان حين توجه إليها وإلى النائب حليمة قعقور بالقول: “صراصير زرازير”.
وكما بدأت الجلسة الصباحية التي سجّلت مشادات كلامية متكررة بين رئيس المجلس نبيه بري وأعضاء كتلته البرلمانية من جهة ونواب الثورة من جهة ثانية بلغت حدّ تهديد بري بطرد قعقور من الهيئة العامة لتردّ عليه بالقول: “شو هالقلة الأخلاق بالتعاطي”، كذلك انتهت الجلسة المسائية بأجواء مشحونة من الهرج والمرج والمشاحنات بين النواب فرضت رفع الجلسة، بينما استرعى الانتباه على هامش انعقاد الجلسة تقديم النائب فيصل الصايغ استقالته من المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ربطاً بما عكسه المجلس في تركيبة عضويته من تنصيب صوري لنواب المنظومة في موقع القيّمين على عملية مساءلة “أولياء نعمتهم” السياسيين ومحاكمتهم.
وفي الغضون، عاد منسوب الحماوة إلى الارتفاع في ملف الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل غداة تجديد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله التهديد باستهداف كافة حقول النفط والغاز الممتدة على كافة الشواطئ والسواحل الإسرائيلية، الأمر الذي ردّ عليه وزير الدفاع بني غانتس أمس بالتحذير من أنّ “أي هجوم” من هذا القبيل سيرد عليه الجيش الإسرائيلي “بشكل مؤلم”، وقال: “نحن نسعى لحلّ مع لبنان بشأن المناطق البحرية المتنازع عليها ونصرالله يعيق التوصل للحل وهو من سيلحق الضرر بالطاقة وبوضع اللبنانيين”، وذلك بالتوازي مع تأكيد مصادر عسكرية إسرائيلية أنّ “الجيش الإسرائيلي يأخذ بجدية تهديدات “حزب الله” وقد رفع درجة التأهب وأطلق سلسلة تدريبات لصد هجمات صاروخية وليس فقط طائرات مسيّرة”.
وسط هذه الأجواء، يعود الوسيط الأميركي السفير آموس هوكشتاين نهاية الأسبوع الجاري إلى بيروت، حيث تترقب القيادات الرسمية الجواب الذي سيحمله معه من الجانب الاسرائيلي حيال “المقترح اللبناني الموحّد” لترسيم الحدود البحرية الجنوبية. ونقلت مصادر مواكبة لمستجدات الملف لـ”نداء الوطن” أن الجانب اللبناني يعوّل على أن تكون أجواء زيارة هوكشتاين المرتقبة “إيجابية” تمهيداً للعودة إلى مفاوضات الناقورة برعاية الأمم المتحدة “وفق اتفاق الإطار” الذي سبق وأعلن التوصل إليه رئيس المجلس النيابي، موضحةً أنّ مهمة التفاوض ستعود إلى “طاولة اللجنة الثلاثية العسكرية التي تجتمع دورياً للنظر في الخروقات الحدودية وفي تطبيقات القرار الدولي 1701، على أن يتولى كل من الجانبين اللبناني والإسرائيلي تشكيل فريقه التقني والقانوني الداعم لهذه المهمة والعمل على وضع الإحداثيات التي تؤدي إلى بلورة صيغة الاتفاق النهائي على الترسيم في أقرب فرصة ممكنة تحت سقف زمني من المفترض ألا يتجاوز شهر أيلول المقبل” موعد بدء إسرائيل باستخراج الغاز من حقل كاريش.
وكشفت المصادر أنّ “فرنسا وبالتعاون مع قطر تلعب دوراً حيوياً لعدم فشل هذه المفاوضات، وفق معادلة وعدت من خلالها باريس عبر سفيرتها في بيروت التي كثفت جولاتها على القيادات اللبنانية والحزبية المعنية، أن تباشر شركة “توتال” فور الاعلان عن الاتفاق عملية التنقيب في الحقول اللبنانية بلا تأخير، الأمر الذي من شأنه أن يعيد الهدوء الى الحدود الجنوبية بعيدا من أجواء التصعيد”، لافتةً في هذا المجال إلى تلقي “وعود حاسمة ببدء التنقيب بمجرد الوصول إلى اتفاق نهائي للترسيم البحري الحدودي بين لبنان وإسرائيل على أن تصبح مسؤولية السلطة اللبنانية متابعة عمل الشركات الأجنبية وتحديداً شركة “توتال” عن كثب وبجدية من دون أي عوائق كتلك التي واجهتها الشركة الفرنسية خلال مرحلة التنقيب في البلوك رقم 4 حين وضعت في وجهها عراقيل لوجستية لغايات نفعية”.