التضخّم وتحليق الأسعار: الأسباب معروفة و”الخير لقدّام”!
كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
إرتفعت أسعار السلع الإستهلاكية في شهر حزيران بنسبة 9.3% عن شهر أيار الماضي، علماً أن سعر صرف الدولار بعد الإنتخابات النيابية وصل الى 37 ألف ليرة لبنانية قبل ان يتدخل مصرف لبنان ويصدر بياناً يجيز فيه لحاملي الليرة اللبنانية التوجّه الى المصارف وتصريفها الى دولار عبر سعر “صيرفة”. وقتها بدأ الدولار بالتراجع ووصل الى 28 ألف ليرة ولم يتخطَّ منذ ذلك اليوم سقف الـ30 ألف ليرة. فما الذي أدى الى زيادة التضخّم الشهري الى 9.3% للسلع الإستهلاكية والسنوي لشهر حزيران بنسبة 210,08 في المئة مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2021، إستناداً الى تقريرادارة الاحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء؟
عوامل عدة ساهمت في ارتفاع أسعار السلع الإستهلاكية في لبنان خلال شهر واحد أوضحها لـ”نداء الوطن” رئيس نقابة اصحاب الصناعات الغذائية منير البساط وهي تعود الى أمرين:
أولاً، وهو السبب الرئيس،”إرتفاع أسعار النفط ما انعكس زيادة في كلفة الانتاج والشحن التي كانت مرتفعة أصلاً ومختلف انواع الخدمات”.
ثانياً، “الإضراب العام الذي ينفّذ منذ شهر حزيران ولا يزال مستمرّاً لغاية اليوم ما يحول دون إخراج البضاعة المستوردة من المرفأ ومكوثها فيه لفترة شهر أو شهر ونصف الشهر”.
وتوقّع أن تشهد اسعار السلع “مزيداً من الإرتفاع بسبب استمرار الإضراب وعدم التمكن من تخليص البضائع، ما يكبّد التاجر مصاريف اضافية عن كل يوم تأخير ما ينعكس سلباً على المستهلك الذي سيسدّد من جيبه كلفة هذا الأمر من خلال زيادة الأسعار”.
أما بالنسبة الى القفزة الكبيرة في أسعار السلع الإستهلاكية على الصعيد السنوي والتي بلغت نسبة 210,08 في المئة، فقال البساط: “إن تداعيات الحرب الأوكرانية التضخمية كانت كبيرة وطاولت لبنان فارتفعت أسعار معظم المواد الأولية مباشرة بعد بدء الحرب بنسب متفاوتة بلغت 30 في المئة ووصلت الى 100 في المئة. ولكن مقارنة مع الشهرين الماضيين لم تتغيّر اسعار المواد الأولية كثيراً علماً أن أسعار البعض منها انخفضت بنسب بسيطة”.
وتعود نسبة زيادة أسعار المواد الأولية الى زيادة الطلب عليها وارتفاع كلفة الشحن نتيجة ارتفاع اسعار النفط الذي له تداعيات تضخمية كبيرة على اسعار كل السلع الإستهلاكية والغذائية.
فعلى الصعيد المحلّي أدت زيادة اسعار النفط الى زيادة كلفة الشحن على المستورد للمواد الأولية قبل تصنيعها وبعد تصنيعها بسبب الإنقطاع شبه الدائم للكهرباء والإعتماد على المولّدات. “وتشكّل المحروقات والطاقة حصّة تتراوح بين 5 و10 في المئة من كلفة إنتاج الصناعات الغذائية وهي تختلف بحسب كل مصنع، اذ يعتمد البعض على الطاقة الشمسية وآخرون على المولّدات”، بحسب البساط. لافتاً الى أن “المصانع الغذائية تستخدم الطاقة لتوليد الكهرباء وللبخار لطبخ المنتجات الصناعية الغذائية”.
أما الصناعات الأخرى فتشكل الطاقة نسبة تصل الى 45% من الكلفة التي تتكبدها المصانع في الإنتاج خصوصاً تلك المتعلقة بعمليات التدوير والتوضيب.
وبالعودة الى مؤشّر أسعار الإستهلاك في لبنان، فقد بلغ مؤشّر تضخم أسعار الاستهلاك خلال الاشهر الستة الاولى من السنة 39.65 في المئة. أما لشهر حزيران، مقارنة بأيار، فارتفعت الأسعار كما يلي على صعيد المحافظات: بيروت بنسبة 5,61 في المئة، جبل لبنان بنسبة 11,48 في المئة، الشمال بنسبة 7,64 في المئة، البقاع بنسبة 7,26 في المئة، الجنوب بنسبة 7,72 في المئة، والنبطية بنسبة 8,39 في المئة.