المسودة في ملعب عون
فيما أظهرت مجريات الأمس انّ جمرة التأليف باتت في يد رئيس الجمهورية، تحدثت معلومات عن انّ الرئيس عون لم يكن يتوقع ان يتسلّم من ميقاتي تشكيلة حكومته بهذه السرعة. واكّدت معلومات «الجمهورية»، انّ الرئيس عون ألقى نظرة سريعة على التشكيلة، ولم يبد حيالها أي ملاحظات ايجابية او سلبية، بل استمهل لدرسها بعض الوقت، على ان يبلغ الرئيس المكلّف بموقفه النهائي منها في اللقاء المقبل بينهما، والذي قد يُعقد خلال الساعات المقبلة.
وفيما أُحيطت المسودة بتكتم حيال مساحة التمثيل فيها، وتوزيع الحقائب الوزارية، ليس في الإمكان الجزم ما إذا كانت هذه التشكيلة ستعبر بسلاسة، وتكون الاولى في تاريخ لبنان تصدر مراسيم تشكيلها بهذه السرعة، أي في غضون ايام. كما ليس في الإمكان استبعاد، في ظلّ المواقف السياسية المتباينة حتى ضمن الفريق المستعجل على تشكيل الحكومة، ان يكون المسار الحكومي مشابهاً للمسارات السابقة التي شهدت مماحكات وجدالات عقيمة تولّدت عنها مسودات متتالية لا طائل منها، وإن تكرّر هذا الامر في هذه المرحلة، فسيمضي الوقت من دون حكومة، وسيبقى البلد محكوماً بتصريف الاعمال من الآن وحتى الاستحقاق الرئاسي، وربما بعده إن طرأ أمر ما قد يؤجّل هذا الاستحقاق إلى ما بعد 31 تشرين الاول المقبل.
وفور الاعلان عن تقديم ميقاتي لتشكيلته إلى رئيس الجمهورية، سألت “الجمهورية” مقرّبين من الرئيس المكلّف عن مصير هذه التشكيلة وما اذا كانت قد لقيت قبولاً من الرئيس عون، فأكّدت انّ الرئيس المكلّف وفى بما وعد به، حيث قدّم صورة للحكومة التي تلائم هذه المرحلة، وذلك إنفاذاً لرغبته الجدّية بعدم تضييع الوقت وتشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن.
وبحسب هؤلاء المقرّبين، فإنّ “الرئيس ميقاتي بتقديمه التشكيلة، يكون قد ادّى واجبه وقام بما تمليه عليه مسؤولياته، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، التي ينبغي ان تُترجم بتسهيل ولادة الحكومة اليوم قبل الغد، والتالي فإنّ الكرة لم تعد في ملعبه، ويؤمل ان يأتي موقف رئيس الجمهورية مسرعاً لولادة هذه الحكومة”.
إلّا انّ الاجواء التي سادت بعد تقديم التشكيلة، أشّرت الى سلبية في مقاربة فريق رئيس الجمهورية لتشكيلة ميقاتي. وفيما أبلغت مصادر سياسية مسؤولة إلى “الجمهورية” قولها انّه “لو كانت المقاربة الرئاسية إيجابية من مسودّة الحكومة التي قدّمها ميقاتي إلى الرئيس عون، لكان لمس الرئيس المكلّف هذه الايجابية من رئيس الجمهورية فور اطلاعه عليها، ولما استمهل رئيس الجمهورية لدراستها، وان يطلب الرئيس دراستها فذلك يستبطن الوقوف على رأي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، يعني عود على بدء، بما يفتح من جديد صفحة المماحكات”.
الّا انّ اوساط فريق رئيس الجمهورية تستغرب ما سمّتها مسارعة البعض الى الحكم المسبق على موقف رئيس الجمهورية من المسودة التي قدّمها الرئيس المكلّف، وقالت لـ”الجمهورية”: “انّ رئيس الجمهورية لم يبد أي اعتراض على هذه المسودة، بل لم يرفضها، ووعد بدراستها وإبلاغ الرئيس المكلّف بخلاصة دراسته، فلا شك انّ لديه ملاحظات وسيبديها من موقعه كشريك في التأليف، ومن هنا فالمسودة ليست منزلة، ولذلك قد يطلب رئيس الجمهورية إدخال بعض التعديلات عليها”.