لبنان

جعجع “يعايد” عون في ذكرى انتخابه: لهذا اختلفنا مع الحريري

كتب داني حداد في موقع mtv:

الطقس في معراب في هذه الأيّام “بَيْنَ بَيْن”. لا بارد ولا حارّ. موقف الساكن الأشهر فيها يختلف عن مناخها. يقول إنّه حسم أمره ولم يعد يريد مسايرة أحد، “وإلا لن يصلح الوضع”.
أما في الحوار مع موقع mtv، كما في لقاءاته الأخيرة، فيختار رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع مسافة تباعد اجتماعي، ولو أنّ الداخل الى مقرّ “القوات” يجتاز “معموديّة تعقيم”.

يباشر جعجع لقاءنا معه بجولةٍ على مواقف “القوات” منذ اتفاق الطائف، وكيف اختار حزبه مراراً مواقف قد تكون غير شعبيّة، ثم ثبُتَت صوابيّتها لاحقاً.
ثمّ نبلغ، بعد الجولة، مناسبة تصادف اليوم، وهي ذكرى انتخاب الرئيس ميشال عون. نسأله: بعد اختبار أربع سنوات من العهد، هل كنت لتنتخب عون لو كانت جلسة الانتخاب اليوم؟
يجيب جعجع: “لم نكن لننتخب عون، بالتأكيد، ولكنّا تصرّفنا بطريقة مختلفة”. ونسأل: لماذا لم ينجح العهد، حتى اليوم، هل هي الظروف أم محيط الرئيس أم دور جبران باسيل؟ فيقول: “تأثير الظروف محدود، خصوصاً إن توفّرت إرادة الإنجاز، إلا أنّ السنوات الأربع كانت سيئة. نحن لا نحمّل مسؤوليّة كلّ ما حصل في البلد لرئيس الجمهوريّة، ولكن، في الوقت عينه، لم تحصل محاولات جديّة لإصلاح الوضع بل على العكس زادت الخسائر عمّا كانت عليه قبل العهد”.
انتقلت علاقة “القوات” مع “العهد” من التحالف، الى معارضة باسيل مع تحييد عون، وصولاً الى الخصومة مع الإثنين. يعلّق جعجع: “تخاصمنا مع الجميع، وليس فقط مع عون وباسيل، حتى مع الحريري الذي جمعنا به تحالفٌ استمرّ ١٣ سنة، لأنّنا كنّا مبدئيّين ولا نريد أن نكون الى جانب أحد بل في الموقع الذي يجب أن نكون فيه”.
ويتابع: “منذ شهرين، كانت هناك موجة تطالبنا بالاستقالة من مجلس النواب، وتعرّضنا لهجومٍ بعضه عفويّ وبعضه الأكبر مدبّر، ولكنّنا عقدنا جلسات طويلة لبحث الأمر ورأينا أنّ الاستقالة قد تكون مربحة في المدى المنظور ولكنّها تفقدنا القدرة على التأثير والمعارضة من داخل مجلس النواب، كما نفعل اليوم”.
ونسأل هنا: تبدو معارضة “القوات” لفظيّة فقط اليوم. أين الملفات المطلوب أن تُفتح؟
يجيب جعجع: “المعارضة اليوم ليست للملفات، بل للملف الأكبر وهو وجود السلطة الحاليّة التي تحتاج الى إعادة تكوين. ولا ننسى الهمّ الاجتماعي الذي يستلزم جهداً كبيراً منّا، حيث نوزّع كميّات كبيرة من المساعدات الغذائيّة والأدوية، ونقوم بعملٍ اجتماعيٍّ كبير في المناطق التي نُكبت في انفجار المرفأ”.

“الثورة” وما لها وما عليها
وعند الحديث عن “الثورة”، نسأل جعجع عمّا إذا كان هناك تواصل مع مجموعاتها، فيلفت الى وجود تواصل عبر مسؤولين “قوّاتيّين”، إلا أنّه يميّز بين مجموعات الناس التي شاركت في “الثورة”، وهي كانت “الثورة الحقيقيّة” وفق تعبيره، وبين مجموعات كرّست نفسها ناطقة باسم “الثورة”. ويسأل: “أين كانت “الثورة” حين أعيد تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة؟ هي كانت غائبة، ولكن هذا لا يعني أنّ الناس كانوا موافقين على ما حصل”.
يبدو جعجع منسجماً مع نبض “الثورة”، ولكنّه يملك الكثير من الملاحظات على أداء المجموعات “التي تتنطّح لاختصار هذه الثورة وقد فشلت في إعادة إحيائها منذ حزيران الماضي”.
أمّا عن انكفاء “القوات” عن المشاركة في التظاهرات، فيعدّد له جعجع أسباباً عدّة، منها “طرح مجموعات مطالب مثل تغيير قانون الانتخاب وغيرها من المواضيع الكبيرة الخلافيّة، وعيش البعض في ماضٍ غابر كأنّهم لم يدركوا بعد أنّ ستالين رحل، والفوضى التي شهدتها تظاهرات كثيرة، والضغط الذي مورس على القوى الأمنيّة ما حتّم مواجهات مع المتظاهرين، وهو أمر لا نريده لأنّ الاستقرار أولويّة لدينا، أما هدف “الثورة” بالنسبة إلينا فهو اقتصادي معيشي”.

“على القطعة” مع “التيّار” و”الموس” مع الحريري
يقول جعجع إنّ “علاقات “القوات” مع الخارج، وخصوصاً مع العالم العربي، هي الأفضل بين سائر القوى السياسيّة”، لافتاً الى “قدرة “القوات” على التواصل مع مختلف القوى السياسيّة، باستثناء حزب الله، وهو أمر لا يتوفّر عند حزبٍ آخر”.
نسأل: هل تتواصلون مع التيّار الوطني الحر؟ يجيب: “نعم، هناك تواصل ولو أنّنا لم نعد في علاقة تحالفيّة. فلنقل إنّه تواصل “على القطعة”.
وماذا عن العلاقة مع تيّار المستقبل؟ يجيب جعجع: “كنّا على اتفاقٍ معه ضمن ١٤ آذار، وما زلنا نتفق معه في الخطّ الاستراتيجي، ولكن حين أصبحت الأولويّة للوضع الداخلي بدأت تبرز الخلافات والاختلافات”.
ولكن هل اضطرّ سمير جعجع أن “يبلع الموس” لسنواتٍ في العلاقة مع الحريري؟
يردّ رئيس “القوات”: “نعم، وثبُت، سنةً بعد أخرى، أنّنا ننظر بعينين مختلفتين الى الكثير من أمور الدولة الداخليّة، ما استدعى التباعد”. وحين نسأله عن كلام الحريري، في إطلالته التلفزيونيّة عبر mtv، عن “القوات”، يقول جعجع: “هل قال الحريري إنّنا نختلف استراتيجيّاً؟ كان كلامه كلّه من نوع “عطيتو وما عطاني” و”قلّي وقلتلّو” و”حكي عنّي بالسعوديّة”…

لو استقلنا معا… و”الانتحار”
يحمل كلام جعجع عن الحريري أكثر من مجرّد عتب. نناقشه في الخيارات المتاحة اليوم أمام رئيس الحكومة المكلّف، فيبدو حاسماً: “كان عليه، بعد أن ثَبُتَ عدم القدرة على التعاطي مع السلطة الحاليّة أن نذهب معاً ومع “اللقاء الديمقراطي” الى الاستقالة من مجلس النواب وفرض انتخابات نيابيّة مبكرة وإعادة تشكيل السلطة، إلا أنّ “المستقبل” و”الاشتراكي” رفضا ذلك”.
هل تسمّي ما يفعله الحريري انتحاراً، كما يصفه البعض؟ يجيب: “نرى أنّ مخاطر ما يفعله أكبر بكثير من إمكانيّة نجاحه، ومع ذلك لن نتأخر عن تلقّف أيّ خطوة إيجابيّة ستقوم بها حكومته”.
هل ستعطون الثقة للحكومة؟ يقول: “يتوقّف الأمر عند طريقة تشكيل الحكومة، ولكنّ ما يحصل حتى الآن غير مشجّع”.

“رفضتُ اللقاء في بكركي” و”سلسة” مع “المردة”
تبدو علاقة جعجع ببكركي جيّدة في هذه الأيّام. “وفد جايي” و”وفد رايح”، وحوارٌ ونقاشٌ وتنسيق. ولكن، ما صحة وقوف جعجع في وجه عقد قمّة مارونيّة في بكركي؟
يجيب: “هذا صحيح، لأنّ الخلاف اليوم ليس مسيحيّاً – إسلاميّاً، بل مع بعض المسيحيّين، وتحديداً التيّار الوطني الحر، ومع بعض المسلمين، وتحديداً حزب الله”.
ويصف ابن بشرّي العلاقة مع تيّار المردة بـ “السلسة”: “نتواصل، ونعقد اللقاءات، خصوصاً في محطات الانتخابات النقابيّة، ولا نهاجم بعضنا البعض ونحرص على حسن الجوار، ويعرف كلٌّ منا ما يمكن أن يحصل عليه من الآخر”.
وماذا عن “الكتائب” والنوّاب المستقيلين؟ يقول: “نتواصل معهم أيضاً، وأريد أن أكشف أنّنا تلقّينا عرضاً للحلول مكان بعض النواب المستقيلين في اللجان، إلا أنّنا رفضنا، لأنّنا مبدئيّين، ولكن، في المقابل، يجب أن يحترم كلّ فريق حجم الفريق الآخر”.
وما رأيك بما يُحكى عن جبهة يتمّ العمل على تشكيلها وتضمّ نوّاباً مستقيلين مع مجموعات من “الثورة”؟
يجيب: “لا مشكلة لدينا بما أنّهم في الخطّ السياسي نفسه، ولكن ما نتمنّاه هو ألا يطلقوا طلقةً باتجاه الخصم، ثمّ يرشقون “القوات” بالطلقات”.

أفضل طريقة لتوريث باسيل
وفي الذكرى الرابعة لانتخاب الرئيس ميشال عون، كيف يعايده سمير جعجع، البعيد جغرافيّاً في معراب والبعيد سياسيّاً حدّ الطلاق؟
يقول “الحكيم”: “لا أحسده على ما هو فيه. كان الرئيس عون يملك فرصةً ذهبيّة ليصبح بطلاً وطنيّاً، وحين انطلق بعهده كانت حوله قوى سياسيّة يقدر معها أن يسدّ الثغرات المتراكمة، ولكن ما حصل بعد أربع سنوات هو أن هذه الثغرات زادت عشرات المرات. حاولت شخصيّاً، ومراراً، أن ألفت نظره الى الكثير من الأخطاء، كما عقدت في مكتبي عدداً من الاجتماعات مع مسؤولين في “التيّار” عن ملف الكهرباء، قبل أن نخرج في معارضتنا الى العلن، من دون أن نفلح بإقناعهم بتغيير النهج”.
يكرّر جعجع كلمة للأسف ثلاث مرّات، قبل أن نسأله، ختاماً: هل هاجس توريث الرئاسة منع نجاح العهد؟، فيجيب: “بالتأكيد. ولكن غفل عن الرئيس عون أنّ أفضل طريقة لتوريث الرئاسة كانت أن يمارس رئاسته كما يجب”.

mtv

مقالات ذات صلة