خطّة الكهرباء مشروطة بالتعديلات.. وإلا!
كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
أعطى مجلس الوزراء موافقته المبدئية على «الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء» المرفوعة من قبل وزارة الطاقة والمياه، لكنّه لم يقرّها. فعلاً، يمكن للعقل اللبناني أن يشطح في إبداعاته، على نحو غير متوقع!
ماذا تعني الموافقة بلا إقرار؟ إنّها مجرّد «خياطة» سياسية للتخفيف من وقع الخلاف الحاصل حول الخطّة وتأجيل البتّ بها لبعض الوقت في إطار الهروب إلى الأمام. إذ لا تبعات قانونية لهذه الموافقة، طالما أنّها «مشروطة» بسلّة تعديلات مطلوب تحديثها على أساسها، وهي لا تزال حبراً على ورق بدليل أنّ قرار مجلس الوزراء «تحدث عن مراجعتها لعرضها مجدداً على مجلس الوزراء».
أمّا لماذا جرى الركون إلى هذه «التوليفة»، فلأن البنك الدولي مصرّ على وجود خطة رسمية متبنّاة من الحكومة تتضمن دفتر الشروط الذي يريده لكي يكون موضوعاً أمام مجلس إدارة البنك حين سيجتمع خلال شهر آذار لبتّ القرض المخصّص لتمويل استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر. ولكن في العمق، فإنّ الخطة لا تزال موضع خلاف عميق بين مكوّنات الحكومة ذلك لأنّ وزير الطاقة وليد فياض لم يلبّ التعديلات المقترحة من جانب رئيس الحكومة وبعض الوزراء، كما كان متّفقاً عليه، ما أدى إلى اعتراض بعض الوزراء ومنهم وزراء محسوبون على العهد، والتهديد بعدم المشاركة في جلسة مجلس الوزراء طالما أنّ الخطة غير متّفق عليها.
إذ كان يفترض أن ينتهي اجتماع اللجنة الوزارية إلى اتفاق واضح على التعديلات المقترحة والتي تطال بشكل خاص الهيئة الناظمة، رفع التعرفة، تعديل القانون 462، ومعامل الإنتاج، بشكل تكون الخطة معدّلة وفق الملاحظات المقترحة من جانب ميقاتي وبعض الوزراء. وبعدما عرض فياض النسخة المعدّلة من الخطة تبيّن أنّ التعديل لا يزال مُلتبساً لا سيما في ما خصّ الهيئة الناظمة والمعامل الجديدة، وأنّ ما أقدم عليه وزير الطاقة هو بمثابة «تحايل على المفردات» ولكن من دون تغيير في الجوهر.
بالتفصيل، تبيّن أنّ وزير الطاقة لم يبد تأييداً لتعيين سريع للهيئة الناظمة والتي يفترض بها منطقياً أن تضع خطة تنظيم القطاع وترعى تطبيقها، كما طالبه بعض أعضاء اللجنة الوزارية ورئيسها، بحجتين: الأولى الوقت، والثانية تعديل القانون 462. وحين سئل عن المدّة الزمنية التي يحتاجها لتأليف الهيئة، ردّ بأنّ إنشاءها قد يؤجل إلى العام 2023 فسارعه أحد الوزراء بالسؤال إذا كان يضمن وجوده في الوزارة بعد ثلاثة أشهر!
أمّا «مصيبة» الخطّة فتكمن في معامل الإنتاج، لا سيما في ما خصّ مرحلة ما بعد 2023 حيث تنصّ الخطة على إنشاء ثلاثة معامل جديدة في دير عمار والزهراني وسلعاتا بسعة 825 ميغاواطاً لكلّ واحد منها، حيث يقول أحد الوزراء إنّ المحطات المقترحة تزيد كلفتها 40% كما كلفة تشغيلها لكونها تعمل على الفيول والغاز والديزل وبقدرات محدودة، وكل ذلك بهدف تشريع بناء محطة في سلعاتا، بينما ثمة عروض مطروحة على رئاسة الحكومة تقضي ببناء معمل خلال 18 شهراً وبتعرفة لا تتخطى الـ 8 سنتات، ولم يعرها وزير الطاقة الاهتمام الكافي.
لكن الاتصالات التي قادها ميقاتي أفضت إلى حلّ وسطي يقضي بعقد الجلسة وتبني الخطة ولكن من دون إقرارها. ما يعني ترك الباب مفتوحاً أمام تعديلها، بعد تبنّي مجلس الوزراء تلك التعديلات.
قرار مجلس الوزراء
وقد جاء في مقررات مجلس الوزراء:
أولاً، الموافقة المبدئية على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء المرفوعة من قبل وزارة الطاقة والمياه على أن يصار إلى الإلتزام بالنقاط التالية:
– وجوب تطبيق القانون رقم 462 بشكل فوري لا سيّما في شقّه المتعلق بتشكيل الهيئة الناظمة وتسمية أعضائها بالمواصفات المعتمدة وفق المعايير.
– تأليف لجنة وزارية برئاسة وزير العدل وعضوية وزراء الطاقة والمياه، الداخلية والبلديات، والتربية والتعليم العالي والثقافة، مهمتها مراجعة قانون تنظيم قطاع الكهرباء (القانون رقم 462) واقتراح ما قد تراه من ملاحظات تستدعي إجراء تعديلات عليه عند الاقتضاء، على الّا يحول ذلك، وبطبيعة الحال، دون تطبيق القانون بصيغته الراهنة تنفيذاً لما جاء في البند الأول.
– رفع التعرفة بعد تحسين التغذية ابتداء من 8 إلى 10 ساعات يومياً مع مراعاة وضع ذوي الدخل المحدود الذين لا يتجاوز استهلاكهم الشهري 500 كيلوواط، كما مراعاة وضع القطاعات الإنتاجية المستحقة بحيث يستفيد جميع هؤلاء من تعرفة خاصة. وفي هذا السياق، تلتزم الحكومة تعديل التعرفة بشكل تدريجي وعلى مراحل بالتزامن مع تحسين التغذية بالشروط المشار إليها آنفاً وبما يسمح بتغطية التكاليف.
– وضع خطة لتحسين الجباية لا سيما من خلال استعمال العدّادات الذكية.
– إعداد دفتر الشروط اللازم للإعلان عن مناقصة بحسب الأصول وتهدف إلى تحسين الشبكة وإنتاج الطاقة وفقاً للمخطط التوجيهي بأقل كلفة بعد إجراء مراجعة لهذا المخطّط عند الاقتضاء.
ثانياً: تكليف وزير الطاقة والمياه مراجعة الخطة المرفوعة من قبل الوزارة بشكل تتبنّى بوضوح النقاط المذكورة آنفاً والتي التزمت بها الحكومة وفقاً لما جاء أعلاه، وعرضها مجدداً على مجلس الوزراء.
هذا يعني، أنّ مجلس الوزراء مصرّ على تعيين الهيئة الناظمة قبل تعديل القانون 462، خلافاً لرغبة الفريق العوني الذي يريد تعديل القانون كشرط لإنشاء الهيئة. ويعني أيضاً أنّ معمل سلعاتا قد يطير في أي لحظة من الخطة ذلك لأنّ البند الأخير من الشروط يقضي بإجراء مراجعة للمخطط التوجيهي الذي يتضمّن إنشاء هذا المعمل. وبالخلاصة، قرار مجلس الوزراء يعني أنّ وزير الطاقة سيعود إلى الحكومة بالخطّة معدّلة وفق هذه الشروط، وإلا لا خطة.