لبنان

الأجندة الدولية للحكومة: الترسيم ونزع السلاح ومحاربة الفساد معاً

كتب منير الربيع في “المدن”:

تخيّم الأجواء الإيجابية على مسار تشكيل الحكومة في لبنان. القوى السياسية كلها تتوقع قرب ولادة الحكومة والاستفادة من هذه الفرصة، على الرغم من شروطها الكثيرة. والرئيس سعد الحريري يتحرك أيضاً بإيجابية، وذهب إلى بعبدا لإطلاع رئيس الجمهورية ميشال عون عن بنتيجة استشاراته النيابية غير الملزمة. وهذا في إطار استمرار التنسيق مع عون، للتوافق على شكل الحكومة ومضمونها. وزياره بعبدا لا تخرج عن سياق التهدئة والحرص على ولادة سريعة للحكومة.

العدد والحصص

لكن الوضع لا يخلو من خلافات حول مسائل وعقد كثيرة. وهذا يحدث لدى تشكيل أي حكومة. ففيما يصر الحريري على حكومة من 14 وزيراً، لا يستبعد إمكان رفع عددهم إلى 18. فعون وحزب الله يصران على توسيع حجم الحكومة إلى 22 أو 24.

أما تشكيلها من 18 وزيراً فيواجه اعتراضاً من الدروز والكاثوليك، لأنهم يتمثلون بوزير واحد في هذه الحال. وصيغة الـ22 تضم وزيراً درزياً، مقابل 5 وزراء سنة و5 شيعة. وهذا لن يرضي الدروز.

وحجم الحكومة يشكل وجهاً من التجاذبات والخلافات، قبل انتقالها إلى التنازع على الحصص ونوعها. فالحزب التقدمي الإشتراكي الجنبلاطي يصر على وزارة الصحة، فيما يرفض حزب الله التخلي عنها. وهذا النوع من الخلافات قائم في لبنان ما قبل الأزمة الراهنة، وغالباً ما تجد القوى اللبنانية الحلول والتسويات له.

الترسيم والاقتصاد

في حال نجاح الحريري بتشكيل حكومته سريعاً، ستكون المحطات والاستحقاقات الأساسية التي ستواجهها الحكومة هي الفيصل في تحديد مساراتها: من ملف ترسيم الحدود إلى ما يرتبط به، وصولاً إلى الملفات المالية والاقتصادية. وهذه الأخيرة تشوبها خلافات كثيرة حول التوجهات والرؤى.

فرئيس الجمهورية ميشال عون لن يرضى إلا أن يكون صاحب القرار الأساسي في مسارات الحكومة، بناءً من إمساكه بملف ترسيم الحدود، وعلى وقع تطورات إقليمية وتحولات أفضت إلى دخول المنطقة عصر التطبيع مع إسرائيل. وهو عصر لن يكون لبنان بعيداً عنه، على الرغم من رفضه الذهاب إلى “تطبيع العلاقات” مع العدو، مكتفياً بإرساء تفاهمات الحد الأدنى، تعقب عملية الترسيم.

وهنا لا بد من الإشارة إلى اختلافات كثيرة في الرؤى بين القوى المشاركة في الحكومة. وفي هذا السياق ليس بسيطاً إعادة تسريب محاضر من وثائق ويكيليكس، نقلاً عن السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، والذي نقل عن عون قوله في العام 2006 إن حزب الله تنظيم إرهابي. وهذا إضافة إلى تسريبات البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

وهدف التسريبات الضرب على وتر العلاقة بين عون وحزب الله، تزامناً مع مفاوضات ملف الترسيم.

وهذا في مقابل المزيد من الضغوط الأميركية، الفعلية والمعنوية، لإنجاز الاتفاق. فالأميركيون ومعهم الأمم المتحدة، يعتبرون أن الجو البناء الذي يسود المفاوضات سيستمر، وصولاً إلى التوقيع في ثلاثة أشهر.

السلاح والفساد معاً

تأتي هذه الضغوط مع تقرير جديد للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتيرش، يشير فيه إلى ضرورة سحب سلاح حزب الله، وتطبيق القرار 1559، لأن السلاح يشكل مخاطر على استقرار لبنان والمنطقة.

وليس تفصيلاً أن يدرج في التقارير التلازم بين طرح نزع سلاح حزب الله ومحاربة الفساد وتشكيل الحكومة. فالموقف الدولي يربط هذه بين هذه الملفات كلها في لبنان. ولا يبدو أن هذا المسار التكاملي الشامل سيتوقف أو يتغير، بغض النظر عن نتائج الانتخابات الأميركية، ومن سيكون الرئيس الفائز.

mtv

مقالات ذات صلة