حَجَر ميقاتي.. لا يُحرّك مياه الحكومة الراكدة!
كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
كعادته، قصد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون في ساعة مبكرة من الصباح، في محاولة منه لكسر حالة الشلل المؤسساتية الحاصلة. الحكومة معلّقة على مشنقة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فيما أبواب مجلس النواب مقفلة بانتظار فتح دورة استثنائية يرفض رئيس الجمهورية التوقيع على مرسومها، بينما تسعى الكتل النيابية لتأمين أكثرية قادرة على استحضار بديل عن توقيع الرئاسة الأولى، عبر جمع تواقيع نيابية على عريضة تطالب بفتح دورة استثنائية عملاً بالمادة 33 من الدستور التي تقول: “لرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النواب إلى عقود استثنائية بمرسوم يحدّد افتتاحها واختتامها وبرنامجها. وعلى رئيس الجمهورية دعوة المجلس إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه”..
وبمعزل عن الخلاف الحاصل حول المادة 57 من الدستور وكيفية احتساب الأكثرية فيه والتي لم يقل المجلس الدستوري أي كلمة بخصوصها، بعدما خلص في مراجعته للطعن المقدّم من “تكتل لبنان القوي” إلى “لاقرار”، وما اذا كان العدد الفعلي لمجلس النواب 116 نائباً وليس 128، ونصاب الأكثرية فيه 59 أو 65 نائباً، فإنّ العريضة التي كانت تحضّر في مجلس النواب كانت جمعت حتى ساعات الصباح الأولى 62 توقيعاً وكان ينتظر مشاركة ثمانية أو تسعة نواب اضافيين، ولكن تمّ تعليق العريضة بعد اللقاء بين عون وميقاتي وذلك من باب اللياقة والاحترام. أما الكتل النيابية الموقّعة هي “كتلة المستقبل” وحركة “أمل” و”حزب الله” و”الاشتراكي” و”المردة” و”القومي” وعدد من النواب المستقلّين و”اللقاء التشاوري” و”الوسط المستقل”.
هكذا، كانت انطلاقة الحديث بين عون وميقاتي من بوابة العقد الاستثنائي، حيث يتردد أنّ رئيس الجمهورية سارع إلى التأكيد أنّه بالأساس لا يمانع فتح دورة استثنائية كون جدول أعمال مجلس النواب يتضمن مشاريع واقتراحات يطالب باقرارها كقانون الكابيتال كونترول. ولهذا تقول الرواية إنّ الرئيس عون أبلغ ميقاتي عن نيّته توقيع مرسوم فتح هذه الدورة خصوصاً وأنّه معترض على تعطيل عمل الحكومة، فكيف يمكن له أن يعطّل عمل مجلس النواب. فيما يقول المطلعون على موقف رئيس الحكومة إنّه نصح رئيس الجمهورية بالتوقيع على المرسوم كون العريضة مكتملة وباتت في طريقها إلى طلب فتح العقد الاستثنائي، وبالتالي إن ممانعة رئيس الجمهورية لن تقدّم أو تؤخر. هكذا تمّ التوافق على أن تأتي المبادرة من رئيس الجمهورية من باب خرق الجمود والتخفيف من حدّة التوتر الحاصل لا سيما على جبهة بعبدا – عين التينة.
على هذا الأساس، تولى ميقاتي طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري من هاتفه لابلاغه إنّ رئيس الجمهورية سيوقّع المرسوم، في محاولة لكسر الجليد بين الرجلين ولو أنّ نبرة الحديث بينهما بقيت رسمية وفق بعض المتابعين.
ولكن هل ستقود هذه الخطوة إلى مزيد من الخروقات في جدار الأزمات؟
حتى الآن لا يبدو أنّ اعادة فتح أبواب مجلس النواب من شأنها أن تحرر الحكومة، مع أنّ ميقاتي أعلن بعد خروجه من لقاء رئيس الجمهورية إنّ “الموازنة العامة لعام 2022 باتت جاهزة وسيتم استلامها خلال اليومين المقبلين، وفور استلام الموازنة ستتم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد”. ليست المرة الأولى التي يلمّح فيها ميقاتي إلى نيّته بالدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، وهو أبلغ عون إنّه فور تسلمه مشروع قانون الموازنة العامة سيدعو إلى جلسة “بمن حضر”، على اعتبار أنّ الثنائي الشيعي لا يزال على موقفه الرافض المشاركة في أي جلسة قبل تغيير هوية المحقق العدلي، ما يعني أنّ اندفاعة ميقاتي من جديد نحو الدعوة لعقد جلسة غير محصّنة بتفاهم مع الثنائي ولا هي مضمونة الحصول، خصوصاً وأنّ بيانه الأخير الذي ردّ فيه على الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سبّب انزعاجاً لدى “حزب الله” تجاه رئيس الحكومة، وبالتالي صار لـ”الحزب” أكثر من سبب ليقاطع جلسة اقرار الموازنة، هذا اذا افترضنا أنّ وزير المال سيرفع مشروع الموازنة إلى رئاسة الحكومة بعد هذا التحدي؟
الأكيد أنّ ميقاتي لم يُقدم على إعلانه بعد التنسيق مع أي جهة، لا الرئيس بري ولا “حزب الله”، ولن يكون بوارد “الانقلاب” على الثنائي الشيعي أو أخذ الأمور إلى مزيد من التوتر، خصوصاً اذا كان هناك من سيحاول الاستفادة من التوتر الحاصل لتفجير الوضع وتطيير الانتخابات، كما يرى بعض المطلعين على موقفه. ولهذا فإنّ محاولته هذه هي مجرد مسعى لتبريد الأجواء وفتح باب النقاش من جديد… لعل وعسى.